للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالوا له: «مالك فى سفرك إلى الحجاز من خيرة»، فلم ينته (١)، وصمّم على التوجّه إلى الحجاز فى هذه السنة.

قال قاضى القضاة شهاب الدين بن حجر: «أخبرنى الشيخ جمال الدين السلسونى المالكى، أنّه رأى النبى، ، فى المنام، لما تجهّز السلطان إلى سفر الحجاز، فقال له: يا رسول الله إنّ الأشرف شعبان يريد أن يحجّ فى هذه السنة، فقال له النبى، : إنّه لا يأتينا أبدا»، وكان الأمر كذلك.

فلما كان يوم السبت ثانى عشر شوّال، طلّب السلطان، وخرج من الميدان الذى تحت القلعة، فكان ما اشتمل عليه طلب السلطان: عشرين نوبة من الهجن بقماش زركش، وخمس وعشرين نوبة من الهجن بقماش مخمل ملوّن، ما بين تماسيح مذهّبة وغير ذلك، وكان فى الطّلب مائتا فرس ملبّسة ببر كستوانات فولاذ ومخمل ملوّن، وقطار رواحل بقماش أسود خليفتى، ومثلها بقماش أبيض برسم الإحرام، وستة خزائن بأغشية حرير ملوّن؛ وكان بالطّلب مائة فرس عليها سروج ذهب وكنابيش، وكان به كجاوتين (٢) زركش، وكان به تسع محفّات بأغشية زركش، وشئ مخمل، وخلفها أربعين حملا محائر مخمل ملوّن برسم السرارى والعيال.

وأما ما اشتمل عليه أمر السنيح، فكان به خمسمائة جمل محمّلة سكّر وحلوى وفاكهة وأشربة ومربيّات، قيل إنّه وضع فى السكّر والأشربة والحلوى أربعمائة مثقال من المسك، وقطارين عليهما بقولات، وقطارين محمّلة أشجار مزهرة فى طينها، ما بين ياسمين ونسرين وورد ومنثور ومرسين، وغير ذلك من الأزهار، وهى فى صناديق خشب مزفّتة مثل المراكب.

فلما انتهى أمر الطّلب خرج السلطان من الميدان، والخليفة المتوكّل على الله محمد عن يمينه، والقضاة الأربعة قدّامه، وهم: قاضى القضاة الشافعى برهان الدين بن جماعة، والقاضى الحنفى جلال الدين جار الله النيسابورى، والقاضى المالكى بدر الدين


(١) فلم ينته: فلم ينتهى.
(٢) كجاوتين: كذا فى الأصل، ويلاحظ الأسلوب العامى فيما يلى.