للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه حصل للسلطان توعّك فى جسده، حتى أشرف على الموت، وصار ينصل (١) ثم ينتكس، فأرجفت القاهرة بموته غير ما مرّة، وكان قد جهّز يرقه على أنّه يحجّ فى هذه السنة.

وكان قاضى القضاة جلال الدين جار الله الحنفى، له يد طائلة فى الطبّ، فعالج السلطان فى هذا العارض، حتى برئ.

فلما شفى ودخل الحمّام، وصلّى الجمعة وهو راكب، دقّت له البشائر بالقلعة، ونثر على رأسه خفائف من الذهب والفضّة، ولاقاه المغانى من باب الستارة، ونودى له فى القاهرة بالزينة سبعة أيام.

ثم إنّ السلطان انتكس بعد يومين، فأقام أياما ثم شفى، فلما شفى قوى عزمه على الحجّ فى هذه السنة، فأخذ فى أسباب عمل اليرق.

وفى شهر رجب، فيه كانت وفاة الشيخ الصالح الولى المعتقد على السدار، وكان له كرامات خارقة، ودفن بزاويته التى بالقرب من حارة الروم، عند خوخة أيدغمش.

وفيه خلع على السيد الشريف شرف الدين على بن السيد الشريف فخر الدين عثمان، واستقرّ فى نقابة الأشراف بعد وفاة أبيه، بسؤال من السادة الأشراف فى ولايته، وقد سأل فى ذلك عدّة منهم.

وفيه عزل نفسه من القضاء، باختياره، قاضى القضاة الحنفى صدر الدين بن منصور، وكان سبب ذلك أنّ بعض الأمراء سأله فى عمل استبدال دار بجوار بيته، فأبى (٢) من ذلك، وامتنع كل الامتناع، وعزل نفسه من القضاء، ولم يعمل ذلك الاستبدال.

فلما أيس (٣) السلطان من عوده إلى القضاء، أخلع على الشيخ جلال الدين جار الله محمد بن الشيخ قطب الدين محمد بن أبى البقا محمود النيسابورى الحنفى، واستقرّ به فى قضاء الحنفية، عوضا عن صدر الدين بن منصور، بحكم عزل نفسه من القضاء.


(١) ينصل: كذا فى الأصل، ولعله يعنى: يشفى.
(٢) فأبى: فابا.
(٣) أيس، من اليأس.