للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان ذلك يوم الجمعة تاسع الشهر، فتعب الأمير حسين بن الكورانى، والى القاهرة، فى سدّه، وأعياه سدّ ذلك المقطع، وساح الماء إلى سبيل ابن قايماز، فأصرف عليه الأمير حسين مبلغا (١) له صورة، فى ثمن أخشاب لأجل سدّه، وقد طغى عليهم الماء.

واستمرّت دور الحسينية من يومئذ خرابا إلى يومنا هذا، وعمل موضع تلك الدور بساتين ومقاطع للماء، وهذا كان سبب تلاشى أمر الحسينية فى خراب دورها؛ نقل ذلك المقريزى فى السلوك (٢).

وفيه قدم الصاحب كريم الدين شاكر بن الغنّام من الحجاز، وقد تقدّم القول على أنّ السلطان أرسل خلفه ليلى الوزارة.

وفيه استجدّ السلطان عدّة خاصكية من مماليكه، وأسكنهم فى بيت الأمير أنوك، بجوار باب الدار من القلعة، وجعل المقدّم عليهم الطواشى شرف الدين مختصّ الأشرفى، وأمره أن يوقفهم بين يديه، ولا يدع أحدا منهم يجلس بحضرته؛ وكان منهم فيما بعد الأمير بشتاك عبد الكريم الخاصكى.

وفى شهر جمادى الأولى، رسم السلطان الأشرف شعبان بن الأمجد حسين بن محمد ابن قلاون، بإبطال ضمان المغانى، ووردت المراسيم بإبطال ذلك إلى ضواحى مصر وأعمالها، من أسوان إلى العريش.

وكان قد بطل ذلك فى الزمن القديم، وأعاده وزراء السوء، لكثرة ما يتحصّل منه من المال الجزيل، وهو عبارة عن مال كبير، مقرّر على المغانى، من رجال ونساء، يردّونه فى كل سنة إلى الديوان المفرد، فكان لا تقدر امرأة من المغانى تضرب بدفّ فى عرس أو ختان، أو نحو ذلك، إلا بإطلاق، وعلى كل إطلاق فريضة مقرّرة من مال، تردّ إلى الديوان المفرد، وكان على كل مغنّية مال مقرّر تحمله إلى الضامنة، وكان فى كل ليلة يدور على بيوت المغانى جماعة من جهة الضامنة، لمعرفة من بات منهن خارج عن بيتها.


(١) مبلغا: مبلغ.
(٢) السلوك: انظر ج ٣ ص ٢٦٥.