للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصاحب شمس الدين أبو الفرج، واستقرّ فى الوزارة، عوضا عن تاج الدين النشو، وقد جمع شمس الدين المقسى بين الوزارة ونظارة الخاص، فأطلق عليه مشير الدولة، ومدبّر المملكة، ووزير الوزراء بالديار المصرية.

فلما أخلع عليه ونزل من القلعة ارتجت له القاهرة، ونزل قدامه جماعة من الأمراء المقدّمين وأعيان الناس من المباشرين، وغير ذلك، ولاقاه القضاة الأربعة من المدرسة الصالحية، وتوجّهوا معه إلى داره، وكان له فى ذلك اليوم أحسن موكب يرى (١) من المواكب الحفلة لما شقّ من القاهرة، وفيه يقول القائل:

تهنّ مدّ الأيام بالخلع التى … وجدنا بها الأيام واضحة الأنس

أضاء بها وجه الزمان وأهله … ولم لا ومن أطواقها مطلع الشمس

وأخلع فى ذلك اليوم على أمين الدين، المعروف بمين، واستقرّ فى نظر الدولة بغير وزارة، وانفرد بها شمس الدين المقسى.

وفيه خرج الحاج على العادة، وكان أمير ركب المحمل الأميرى بورى الخاصكى - وفيه خلع على القاضى بدر الدين محمد بن أحمد بن عبد الخالق بن عثمان الأنصارى الدمشقى، المعروف بابن مزهر، وهو جدّ القاضى تقى الدين أبو بكر، كاتب السرّ الآن، فلما خلع عليه، قرّر فى كتابة السرّ بدمشق، عوضا عن القاضى شهاب الدين أحمد ابن فضل الله العمرى.

وفى شهر ذى القعدة، قدمت الأخبار من دمشق، بأن وقع بها غلاء عظيم، حتى أبيعت الغرارة القمح بنحو الخمسمائة درهم، وأبيع الخبز بحلب كل رطل خبز بستة دراهم، وأبيع المكوك القمح بثلاثمائة درهم، وأكلت الميتات والكلاب والقطاط (٢)، ومات خلق كثير من الفقراء والمساكين، وعمّ هذا الغلاء سائر جهات الشام وحلب وأعمالهما، ووقع فيهما أكثر مما (٣) وقع بمصر.


(١) يرى: يرا.
(٢) والقطاط: كذا فى الأصل، وهو جمع مؤنث، وقد ورد الجمع «قطط» فيما يلى من المتن.
(٣) مما: ما.