للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه خلع على البرهان إبراهيم بن محمد بن على الصنهاجى، واستقرّ فى قضاء المالكية بحلب، عوضا عن ناصر الدين محمد بن السرى إسمعيل بن محمد بن محمد بن هانئ الأندلسى.

وفى شهر ذى الحجّة، أخلع السلطان على الأمير تمراز الناصرى، واستقرّ به فى نيابة القدس، وهو أول نائب كان بها من قبل السلطان، وكان قبل ذلك ولايتها من نائب الشام، فعظم أمرها من يومئذ.

وفيه توفّى العلاّمة الفلكى، وكان علاّمة فى علم الهيئة وعلم الحساب والهندسة، وكان أوحد زمانه فى هذا الفنّ، وكان اسمه على بن حسّان بن إبراهيم بن الهمام الدمشقى.

وفى هذا الشهر، وقع بالقاهرة أوخام عظيمة، وحمّية ونافض، وسعال. - وقدمت الأخبار من دمشق بأن قد وقع بها حريق عظيم، واستمرّ على ذلك نحو عشرين يوما، فاحترق بالشام فوق الخمسمائة دار، وأعيى (١) الناس إطفاء هذه النار.

وفيه جاءت الأخبار من مكّة بأنّ العربان خرجت على الحجّاج بطريق المدينة النبوية، ونهبوا كل ما كان معهم من سنيح وجمال، وقتل من الحاجّ جماعة كثيرة، وكذلك الحاجّ الشامى، وحصل لهم بعد ذلك فى الحوراء عطشة شديدة، وغلاء وموت جمال وجوع، وما سلم منهم إلا كل طويل العمر، وقاسوا فى هذه السنة مشقّة عظيمة لم يسمع بمثلها.

انتهى ما أوردناه من حوادث هذه السنة، وقد خرجت عن الناس على خير وسلامة، ولم يقع فيها غير ما ذكرناه؛ وكانت الفلكيّة، وأرباب النجوم، تكلّموا على هذه السنة، أن يقع بها أمور شنيعة، وحوادث عظيمة، فأكذب الله تعالى أقوالهم، وخيّب آمالهم.

وأما من توفّى فى هذه السنة من الأعيان، وهم: قاضى القضاة برهان الدين إبراهيم ابن محمد بن أبى بكر بن عيسى بن بدران السعدى الهدبانى الأخناى المالكى، توفّى فى شهر رجب، وكانت مدّة ولايته فى قضاء قضاة المالكية خمس عشرة (٢) سنة.


(١) وأعيى: وأعيا.
(٢) خمس عشرة: خمسة عشر.