للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حفلة، فمن جملتها صندوق غريب الصناعة، عمل بحركات هندسية، فإذا ما مضت ساعة من الليل والنّهار، خرجت منه تماثيل كهيئة بنى آدم، وهى تضرب بالصنوج فى أيديها، فيعلم بذلك مضى كل ساعة من الليل والنهار، وإذا مضت درجة، سقطت بندقة من نحاس أصفر عند مضىّ كلّ درجة، وكان هدا الصندوق من أعاجيب الزمان، انتهى ذلك.

وفى هذا الشهر كانت وفاة قاضى العسكر، مفتى دار العدل، أحد الفقهاء الحنفية، وشيخ العربية، والأديب البارع شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن على بن أبى الحسن الزمرّدى، المعروف بابن الصايغ الحنفى؛ وكان ولى إفتاء دار العدل، وتدريس الحنفية بجامع ابن طولون، وولى قضاء العسكر.

وكان عالما فاضلا، ناظما ناثرا، وله شعر جيّد، وألّف الكتب النفيسة فى العلوم الجليلة، منها: شرح المشارق، فى ستّة مجلّدات، وشرح الألفيّة، فى مجلدين، وشرح البيانى فى المعانى، والتذكرة فى النحو، وألّف كتاب استدراك المعانى على المغانى، وله غير ذلك من المصنّفات؛ وكانت وفاته فى ليلة الثلاثاء ثانى عشر شهر شعبان، ومن شعره قوله:

لا تنكروا كونى تركت معذرا … أضنى الفؤاد بلوعة التبريح

لما بدا شعر بصفحة (١) خدّه … قابلت ذاك الشعر بالتسريح

وقوله فى الصاحب تاج الدين بن الغنّام حين أرسل إليه بكبش فى عيد الأضحية:

وزير الملك عيّد ألف عيد … فأنت الصاحب الخلق الجليل

بك غنيت فى الأضحى بكبش … ملىّ بالغنى كاف كفيل

انتهى ذلك.

وفى شهر رمضان، أخلع السلطان على القاضى شرف الدين أحمد بن على بن منصور، واستقرّ به فى قضاء الحنفية بمصر، عوضا عن صدر الدين على بن أبى العزّ، وسافر ابن أبى العزّ إلى دمشق.


(١) بصفحة: بصفحت.