خصليم فى ملكه إلى أن هلك.
وتولّى بعده ابنه قفال، وكان عالما بعلوم الطلسمات، والسحر، وقيل إنّه عمل سربا تحت النيل، ينتهى إلى بلاد الصعيد، برسم نسائه، ينزلون به ويمشون فيه إلى بلاد الصيد، حتى يزرن البرابى التى فى أخميم؛ وقيل إن نوحا، ﵇، بعث فى زمانه؛ واستمرّ قفال على ذلك، حتى هلك.
وتولّى بعده ابنه تدرسان، وكان عالما بعلوم الطلسمات، والسحر، وكانت له أعمال عجيبة، منها أنّه عمل قصرا من خشب، ونقش فيه صور الكواكب، وفرشه بأحسن الفرش، وحمله على الماء، وصار يجلس فيه، هو وبنات عمّه، وكان يقتصر على حبّ النسا الحسان.
فلما جلس فى ذلك القصر الخشب، أحضر سفرة الشراب، وشرب، فبينما هو فى أرغد عيش، والكأس فى يده، إذ هبّت من الجوّ ريح شديد، وهو فى وسط البحر، فاضطرب الماء، فانقلب ذلك القصر الخشب به، وتكسّر، فغرق هو، ومن كان معه فى ذلك القصر، عن آخرهم، وعاد سروره كدرا، فكان كما قيل فى المعنى:
تمتّع من الدنيا بلذّتك التى … ظفرت بها ما لم تعقك العوائق
فما أمسك الماضى عليك بعائد … ولا يومك الآتى به أنت واثق
ولما غرق تدرسان، تولّى بعده ابنه سرقاق، وكان عالما بعلوم الطلسمات، والسحر، وكانت له من الأعمال العجيبة أشياء كثيرة، فمن ذلك أنّه عمل صورة بطّة من نحاس أصفر، قائمة على اسطوانة من رخام أخضر، على باب المدينة، فإذا دخل المدينة غريب، صفّقت تلك البطّة بجناحيها، وتصفّر، بحيث (١) يسمعها كل من فى المدينة، فيمسكون (٢) ذلك الغريب بيده، فكان فى أيامه لا يستطيع غريب أن يدخل المدينة؛ وهو الذى شقّ من النيل نهرا يمرّ إلى بلاد الغرب، وبنى (٣) عليه المدن، وملك أرض مصر مائة وستين سنة.
(١) بحيث: حتى بحيث.
(٢) فيمسكون: فيمسكوا.
(٣) وبنى: وبنا.