للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذين (١) كانوا يموتون بالقاهرة على الطرقات، ووقع الرخاء فى سائر كل شئ من البضائع.

وفى شهر ذى الحجّة، فيه فى يوم الخميس مستهلّ الشهر، كانت وفاة العلاّمة، الأديب البارع، الفاضل، الشيخ شهاب الدين أحمد بن يحيى بن أبى بكر بن عبد الواحد، المعروف بابن أبى حجلة التلمسانى المغربى، وكان مالكى المذهب، تحوّل حنفيّا، وكان مولده بتلمسان سنة سبعمائة، وعاش من العمر نحو ست وسبعين (٢) سنة.

وكان عالما فاضلا، بارعا فى الشعر، وله عدّة مصنّفات، منها: ديوان الصبابة فى أخبار العشّاق، وكتاب رشد اللبيب إلى معاشرة الحبيب، وكتاب السكردان، وكتاب غرائب العجائب وعجاب الغرائب، وعمل مقامات عروض مقامات الحريرى، وعمل مقامة فى النيل، وله ديوان أدبيّات من نظمه، وكان كثير الحطّ على الشيخ عمر بن الفارض، وعلى أولاد ابن أبى الوفا، وعلى قاضى القضاة سراج الدين الهندى الحنفى، وقد هجاه الشيخ شمس الدين بن الصايغ الحنفى، وهو قوله:

يكذب من ينسب البغاء إلى … شاعرنا المنتمى إلى حجلة

ما هو بغا كما يقال لنا … بل هو ثور يدور بالعجلة

ومن شعر ابن أبى حجلة، قوله من أبيات من قصيدة خمرية، وقد أجاد بقوله:

متى امتطيت من الكؤوس كميّتها … أمسيت تمشى فى المسرّة راكبا

ومتى طرقت عشىّ أنس ديرها … لم تلق إلاّ راغبا أو راهبا

ومتى سلكت من الهموم مهالكا … صادفت فى فتح الدّنان مطالبا

ومن تغزّلاته فى مليح صيرفى:

يا سائلى عن حالتى ما حال من … أمسى بعيد الدار فاقد إلفه

بى صيرفىّ لا يرقّ لحالتى … قد متّ من جور الزمان وصرفه

ومن تضامينه الغريبة قوله:

قل للهلال وغيّم الأفق يستره … حكيت طلعة من أهواه بالعلج


(١) الذين: الذى.
(٢) ست وسبعين: سنة وسبعين.