للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان شجاعا بطلا، عارفا بتدبير الملك، نافذ الكلمة، وافر الحرمة، يحبّ العدل فى الرعيّة، ويحبّ فعل الخير، كثير (١) البرّ والصدقات على الفقراء والمساكين، وله برّ ومعروف زائد، وشهرة طائلة بين ملوك الشرق، وهو أويس ابن حسن بن حسين بن آقبغا بن إيلكين، نقل ذلك المقريزى فى السلوك (٢).

وفى شهر شعبان، كانت وفاة الأمير أسنبغا الأبوبكرى، أحد الأمراء المقدّمين الألوف (٣)، وهو صاحب المدرسة الأبوبكرية، وكان أميرا جليلا، وافر الحرمة، وكان ولى نيابة حلب، وعزل عنها.

وفيه استقرّ الأمير صرغتمش الخاصكى، فى نظر المارستان، بعد وفاة الأمير أيدمر الدوادار.

وفيه خرج البريد بإحضار الأمير يعقوب شاه، الذى كان استقرّ به نائب حلب فى نيابة سيس، فلما حضر استقرّ السلطان عوضه فى نيابة سيس بالأمير آقبغا عبد الله.

وفى شهر رمضان، عزل نفسه من القضاء، قاضى القضاة برهان الدين إبراهيم ابن جماعة الشافعى المقدسى، وقد شاخ وكبر سنّه؛ فلما بلغ السلطان ذلك، شقّ عليه وأرسل إليه من تلطّف به فى عوده إلى القضاء، فأرسل يقسم على السلطان بأنّه لا يشقّ عليه فى عوده إلى القضاء.

فلما أيس (٤) السلطان من عوده إلى القضاء، أخلع على الشيخ بدر الدين محمد بن محمد ابن قاضى القضاة أبو البقا عبد البرّ السبكى الشافعى، وقرّره فى قضاء الشافعية، عوضا عن برهان الدين بن جماعة، بحكم استعفائه منها؛ فلما عزل ابن جماعة من القضاء أنشأ يقول:

وليت القضاء وليت القضا … فلم يكن شيئا توليته

فأوقعنى فى القضاء القضا … وما كنت قد ما تمنّيته


(١) كثير: كثر.
(٢) السلوك: انظر ج ٣ ص ٢٣٨ و ٢٤٤.
(٣) المقدمين الألوف: كذا فى الأصل.
(٤) أيس: كذا فى الأصل، والمعنى واضح من اليأس.