للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان قد جاوز من العمر فوق التسعين سنة، وكان يعرف بابن المغربى، وقد هجاه بعض الشعراء بهذين البيتين، وهما:

أفنى وأعمى ذا الطبيب بطبّه … وبكحله الأحياء والبصراء

فإذا نظرت رأيت من عميانه … أمما على أمواته قرّاء

وفيه تزايد الأمراض فى الناس وموتهم، فبلغت عدّة من يرد اسمه للديوان فى كل يوم خمسمائة إنسان، وبلغت عدّة الطرحاء الذين يموتون (١) على الطرقات فى كل يوم خمسمائة طريح؛ فقام بمواراة الطرحاء الأمير ناصر الدين محمد بن الأمير آقبغا آص، والأمير سودون الشيخونى، فكان الناس يأتون (٢) بالأموات إليهما، فيغسّلونهم ويكفّنونهم ويدفنونهم، ويقومون بهم أحسن قيام.

وكان بلغ السلطان أنّ الكلاب تأكل الموتى من الطرحاء الذين يموتون (١) على الطرقات، فرسم لهؤلاء الأمراء بأن يتولّوا أمر من يموت من الطرحاء على الطرقات.

ثم فشا الموت والأمراض فى الأغنياء، حتى بلغ سعر البطّيخة الصيفى تسعين درهما، وبلغ سعر الرمّانة الواحدة ستة عشر درهما، والتفاحة والسفرجلة كل واحدة منهما بخمسين درهما، وفقدت الفراريج حتى اتباع (٣) الفرّوج الواحد بخمسة وأربعين درهما، ولا يوجد، حتى خرج البريد إلى الأعمال يطلب فراريج لأولاد السلطان.

وفى شهر رجب، قدمت الأخبار من بغداد بوفاة متملّكها القان أويس بن حسن، فلما مات ولى بعده ابنه حسين، وكانت مدّة ولاية القان أويس على بغداد وتبريز تسع عشرة (٤) سنة، ومات وله من العمر نحو أربعين سنة، وهو يحكم من بغداد إلى أذربيجان (٥)، وكان يخطب له مع سلطان مصر على منابر مكة والمدينة؛ وكان أرسل من بغداد إلى مكّة عدّة قناديل ذهب، علّقت داخل البيت الشريف، وهى إلى الآن باقية معلّقة داخل الكعبة.


(١) الذين يموتون: الذى يموتوا.
(٢) يأتون: يأتوا.
(٣) اتباع: كذا فى الأصل، والمعنى واضح: حتى بيع.
(٤) تسع عشرة: تسعة عشر.
(٥) أذربيجان: ادريهنجان.