للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى شهر جمادى الآخرة، قدم السلطان من سرحة البحيرة، فكان له موكب حفل، لما شقّ من القاهرة.

وفيه عرض الشريف فخر الدين محمد بن على بن حسين، نقيب الأشراف، عامّة السادة الأشراف، وقد رافعه الشريف بدر الدين حسن بن النسّابة، بأنّه قد أدخل فى الأشراف من ليس بشريف ثابت النسب، وقدح فيه بسبب ذلك؛ فلما عرضت السادة الأشراف على السلطان، لم يظهر فيهم من ليس بشريف، ولا له نسب ثابت؛ فتغيّر خاطر السلطان على الشريف بدر الدين بن النسّابة، ورسم عليه حتى يثبت ما قاله فى حقّ الشريف فخر الدين، نقيب الأشراف، من القدح فى حقّه.

وفى شهر رجب، وقع فيه من الحوادث أنّ الأتابكى ألجاى اليوسفى، لما استقرّ فى الإمرة الكبرى، قصد أن يجدّد بالمدرسة المنصورية، التى بجوار البيمارستان، منبرا، ويقرّر بها خطيبا، لتقام بها صلاة الجمعة؛ فأفتاه الشيخ سراج الدين عمر البلقينى من الشافعية، والشيخ شمس الدين محمد بن الصايغ من الحنفية، بجواز ذلك، وخالفهما الباقون من العلماء فى المنع من ذلك؛ وكان الذى أفتى بالمنع أكثر من الذى أفتى بالجواز، فعقد مجلس بسبب ذلك.

فلما كان يوم السبت سادس عشرينه، اجتمع قضاة القضاة الأربعة، وأعيان العلماء، بالمدرسة المنصورية، فجرى بينهم جدال ونزاع طويل، فآل الأمر (١) إلى المنع من تجديد الخطبة بها، وانفضّ المجلس على ذلك، لأنّ هذه المدرسة بالقرب من المدرسة الصالحية، وبها خطبة، بحيث يرى من بالمدرسة المنصورية منبر المدرسة الصالحية.

فكثر الكلام فى ذلك، فألّف الشيخ سراج الدين البلقينى كتابا فى الجواز بذلك؛ وألّف الشيخ زين الدين العراقى كتابا فى المنع من ذلك، ووافقه على ذلك القاضى برهان الدين بن جماعة، وكان الذى أمتى بالمنع، أكثر من الذى أفتى بالجواز.

وفى شهر شعبان، أخلع السلطان على القاضى كريم الدين عبد الكريم بن شاكر


(١) الأمر: أمر.