للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سكن فى بيت يلبغا العمرى الذى بالكبش، والتّفت عليه جماعة يلبغا، وصار يمشى على نظام يلبغا، فحدّثته نفسه بأن يقبض على السلطان ويخلعه من السلطنة.

فلما بلغ السلطان ذلك، وتحقّقه، بادر بالقبض عليه، وعلى الأمير تلكتمر المحمدى، وقيّدهما، وأرسلهما إلى السجن بثغر الإسكندرية، فكانت مدّة يلبغا آص فى الأتابكية نحو ثمانية أيام، وعزل، وكان ظنّه أن يتسلطن، وكان السلطان اختاره للأتابكية من دون الأمراء، ولم يعلم ما فى ضميره، فكان كما يقال فى المعنى:

ولا ترج إلا الله فى كل حالة … ولا تعتمد يوما على غير لطفه

فكم حالة تأتى ويكرهها الفتى … وخيرته فيها على رغم أنفه

ولما قيّدوا يلبغا آص ونزلوا به من القلعة، قال فيه أبو عبد الله الرقى:

ولقد قلت حين أقبل يمشى … زاده الله فى القيود جمالا

لم يكن بين ما تولّى وبين ال … عزل إلا كما يحلّ عقالا

وفيه يقول شهاب الدين بن العطّار:

يلبغا آص تولّى جمعة … فبغى واختار حربا وادّعى

ويح من جاء لحكم زائرا … ثم ما سلّم حتى ودّعا

وفيه رسم السلطان بهدم بيت الأتابكى يلبغا العمرى، الذى بالكبش، فهدم حتى لم يبق له أثر، ولا الرسوم، وقد بشّره الإمام الشافعى، ، بذلك فى المنام، كما تقدّم القول على ذلك.

وفى شهر ربيع الآخر، حضر الأمير منكلى بغا الشمسى، نائب حلب، باستدعاء من السلطان، فلما حضر على خيل البريد، أخلع عليه، واستقرّ أتابك العساكر بمصر، عوضا عن يلبغا آص؛ وعيّنت نيابة السلطنة للأمير [أمير] (١) على الماردينى، نائب الشام.

وأفرج عن الأمير طيبغا الطويل من السجن بالإسكندرية، فلما حضر أخلع عليه، واستقرّ فى نيابة حلب، عوضا عن منكلى بغا الشمسى.


(١) [أمير]: تنقص فى الأصل.