للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأجلاب اليلبغاوية، فقبضوا عليهم المماليك السلطانية فى ذلك اليوم، وعلى جماعة من الأمراء المقدّمين ممن (١) كان سببا لإثارة هذه الفتنة، وهم: الأمير قرابعا الصرغتمشى، والأمير [تغرى] (٢) برمش العلاى، والأمير أينبك البدرى، والأمير إسحق (٣) الرجبى، والأمير قرابغا العزّى، والأمير مقبل الرومى؛ فلما قبضوا عليهم طلعوا بهم إلى القلعة، فرسم السلطان بتقييدهم، فقيّدوا، وأرسلوا إلى السّجن بثغر الإسكندرية.

فلما جرى ذلك، شقّ على بقيّة الأمراء هذه الفعلة، واتّفقوا قاطبة على الوثوب على السلطان، فلبسوا لامّة الحرب وطلعوا إلى الرملة؛ فلما تحقّق السلطان أنّ هذه الوثبة عليه، نزل إلى باب السلسلة، وجلس فى المقعد المطلّ على الرملة، ورسم بدقّ الكوسات حربى.

ثم إنّ السلطان أرسل إلى الأمراء، الذين (٤) وثبوا عليه، بعض الخاصكية وهو يقول لهم: «إيش سبب هذه الفتنة، حتى أنّكم اتّفقتوا كلّكم على الوثوب علىّ»؟.

فأرسلوا يقولون له: «أنت أستاذنا وابن أستاذنا، وما نموت إلا تحت أقدامك، ولكن لنا غريم تسلّمه (٥) لنا، وهو الأمير أسندمر، أمير كبير».

وكان الأمير أسندمر لما قتل يلبغا، واستقرّ فى الأتابكية بعده، مشى على نظامه، وسكن فى داره، والتفّت عليه مماليك يلبغا.

فلما بلغ الأتابكى أسندمر ما قالته الأمراء، ركب من داره ليلا، وأتى إلى دار الأمير قجماس الطازى، واستماله بأن يكون من عصبته، وبذل له جملة من المال حتى استماله، ثم فارقه، وفى ظنّة أنّه قد صار من عصبته، ولم يكن الأمر كذلك.

فلما عاد إلى داره استدعى (٦) خواصّه وخشداشينه من اليلبغاوية، وقرّر معهم أنّه


(١) ممن: مما.
(٢) [تغرى]: تنقص فى الأصل.
(٣) إسحق: يساق. وسوف يرد اسم «إسحق الرجى» هنا فيما بعد ص ٥٩ س ٢٠.
(٤) الذين: الذى.
(٥) تسلمه: يسلمه.
(٦) استدعى: استدعا.