الشام بطّالين، ورتّب لهم ما يكفيهم فى كلّ يوم؛ وأما الأمير طيبغا الطويل، أمير سلاح، فإنّه أرسله إلى بيت المقدس بطّالا، ورتّب له ما يكفيه.
وفيه توفّى شمس الأئمة الكردى، وكان من أعيان علماء الحنفية، وكان شيخ مدرسة السلطان حسن.
وفى شهر جمادى الآخرة، حضر إلى الأبواب الشريفة الأمير حيار بن مهنا، أمير آل فضل من عربان حماة، وكان له مدّة وهو عاص على السلطان، فلما حضر خلع عليه السلطان، وأقرّه على عادته فى إمرة آل فضل.
وفيه قدم الخبر بكثرة فساد أولاد الكنز، وطائفة العكارمة، بأسوان، وسواكن، وأنّهم منعوا التجّار وغيرهم من السفر، لقطعهم الطريق، وأخذهم أموال الناس بغير حقّ؛ وأنّ أولاد الكنز قد غلبوا على ثغر أسوان، وصحراء عيذاب، وبريّة الواحات الداخلة، وصاهروا ملوك النوبة، وأمراء العكارمة، واشتدّت شوكتهم.
ثم قدم ركن الدين كرنبس، من أمراء النوبة، والحاج ياقوت، ترجمان النوبة، وأرغون، مملوك فارس الدين، برسالة متملّك دنقلة (١)، بأنّ ابن أخيه خرج عن طاعته، واستنجد ببنى جعد من العرب، وقصد دنقلة (١)، فاقتتلا قتالا شديدا، وقتل فى تلك المعركة الملك، وانهزم أصحابه؛ فلما قتل الملك، أقاموا عوضه فى المملكة أخاه، وامتنعوا بقلعة الدور فيما بين دنقلة (١) وأسوان.
فأخذ ابن أخت المقتول دنقلة (١)، وجلس على سرير المملكة، وعمل وليمة حفلة، جمع فيها أمراء بنى جعد وكبارهم، وقد أعدّ لهم جماعة من ثقاته ليفتكوا بهم، فأخليت الدور التى هى حول مضيفهم، وملأها حطبا، فلمّا أكلوا وشربوا، ثم ناموا، خرجت عليهم جماعته بأسلحتهم، وأقاموا على باب الدار، وأضرموا آخرون النّار فى الحطب، فلما اشتعلت النار، بادر العربان للخروج من الدار، فوقع فيهم القوم بالقتل، فقتل منهم تسعة عشر أميرا من أكابرهم؛ ثم ركب إلى عسكرهم،