للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقتل منهم مقتلة كبيرة، وانهزم باقيهم، فأخذ جميع ما كان معهم، واستخرج ذخائر دنقلة (١) وأموالها من أهلها، ومضى إلى قلعة الدور؛ فوقع الاتّفاق بينه وبين متملّكها على أن يكون نائبا عنه بها، وليستقرّ الملك لصاحب قلعة الدور.

ثم إنّه أرسل يستنجد بالسلطان كى يمدّه بالعساكر، حتى ينتصر على العرب، ويستردّ ملكه، والتزم بأن يحمل فى كل سنة للسلطان مالا (٢) له صورة.

فلما سمع السلطان ذلك رسم بإخراج تجريدة، وعيّن بها من الأمراء المقدّمين الأمير آقتمر عبد الغنى، حاجب الحجّاب، ومعه الأمير ألجاى اليوسفى، أحد أمراء الألوف؛ وعيّن جماعة من الأمراء الطبلخانات، ومن الأمراء العشرات، فكان عدّة الأمراء الطبلخانات ثمانية، والأمراء العشرات عشرة؛ وعيّن جماعة كثيرة من المماليك السلطانية، وهم نحو الثلاثة آلاف مملوك، فخرجوا بعد أيام، وقد جهّزوا يرقهم بسرعة.

فلما خرجوا، توجّهوا إلى نحو مدينة قوص، فأقاموا بها ستّة أيام، ثم استدعوا أمراء أولاد الكنز من ثغر أسوان.

ثم إنّ العسكر سار من قوص، فأتتهم أمراء الكنوز طائعين عند عقبة إدفو، فخلع عليهم الأمير آقتمر عبد الغنى، وبالغ فى إكرامهم، ومضى بهم إلى أسوان، فنزلوا وضربوا الخيام على شاطئ البرّ الغربى، فأقاموا هناك أربعة عشر يوما، ونقل ما كان مع العسكر فى المراكب من الأسلحة وغيرها على البرّ.

فلما تكامل نقل الأسلحة والأمتعة والغلال وغير ذلك، فلما خفّت (٣) المراكب مما كان فيها، رسم الأمير آقتمر بأن تتوجّه فيها جماعة من الحجّارين إلى نحو الجنادل، ليصلحوا مواضع فى طريقها عند صعود المراكب إليها؛ فلما صارت المراكب خلف الجنادل وقطعتها، أعيدت إليها ما كان فيها من الأسلحة وغير ذلك، فمرّت


(١) دنقله: دمقلة.
(٢) مالا: مال.
(٣) خفت: خفة.