للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إنّ الفرنج خرجوا بالأسرى إلى مراكبهم، وما نهبوه من الأموال والغنائم من مدينة الإسكندرية ورشيد؛ فكان عدّة من أسر (١) من المسلمين فى هذه الحركة نحو خمسة آلاف أسير.

وقد أقاموا يقتلون ويأسرون ويسبون وينهبون أموال الناس، ويحرقون عدّة أماكن ودكاكين، من ضحوة نهار الجمعة إلى بكرة نهار الأحد، فرفعوا السيف عن أهل المدينة؛ فكانت مدّة إقامتهم بثغر الإسكندرية ثمانية أيام.

فكان عدّة طوائف الفرنج الذين (٢) دخلوا إلى ثغر الإسكندرية: من البنادقة أربعة وعشرين غرابا، ومن الجنويّة غرابين، ومن أهل رودس عشرة أغربة، ومن الفرنسيسية خمسة أغربة، وبقيّة الأغربة من أهل قبرص (٣).

فلما قدم جاليش السلطان إلى الإسكندرية، وهم الأمراء المقدّم ذكرهم، فوجدوا الفرنج قد رحلوا عن ثغر الإسكندرية (٤)، وأخذوا صحبتهم من أسروه من المسلمين، وما غنموه من الأموال، ومن القماش والتحف وغير ذلك من الأمتعة، ونزلوا إلى مراكبهم، وتوجّهوا إلى بلادهم.

فلما كاتبوا السلطان بما كان من أمر رجوع الفرنج إلى بلادهم، رحل من الطرانة وعاد إلى القلعة، وصحبته الأتابكى يلبغا العمرى؛ ثم رسم للأمير خليل بن عرام، نائب الإسكندرية، بأن يعود إلى محلّ نيابته بالإسكندرية، وأن يوارى رمم من استشهد هناك من المسلمين، فمضى ابن عرام من يومه إلى الإسكندرية

ثم إنّ الأتابكى يلبغا قبض على جميع من فى مصر، ومن فى البلاد الشامية، من الفرنج، ومن البطارقة والنصارى، وألزمهم بأن يعطوا نصف أموالهم إلى السلطان، حتى يرسل ذلك إلى الفرنج، ويسمى فى خلاص أسراء (٥) المسلمين من أيدى الفرنج.


(١) أسير: أسيرا.
(٢) الذين: الذى.
(٣) قبرص: قبرس.
(٤) الإسكندرية: الإسكندر.
(٥) أسراء: كذا فى الأصل.