للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولبسا، هو والسلطان، زىّ العرب، بزموط، وفرجيّات، بأكمام كبار، وقصدا التوجّه إلى نحو البلاد الشامية.

فلما كانا فى أثناء طريق بلبيس، قبض عليهما بعض العربان، الذين بالشرقية، وأحضرهما إلى بيت الأزكشى بالحسينية، فأرسل الأزكشى أخبر يلبغا بأنّ السلطان، وأيدمر، الدوادار، قبض عليهما، وهما عنده فى بيته، فأرسل يلبغا قبض على السلطان، وعلى أيدمر، ومضى بهما إلى داره، التى فوق جبل الكبش، فحبسهما، ووكّل بهما من يثق به، ثم عاد يلبغا إلى الرملة، وحاصر القلعة، فملكها من غير مانع.

هذا ما كان من أمر يلبغا، وأما ما كان من أمر السلطان حسن، والأمير أيدمر، فإنّ يلبغا أرسل أيدمر تحت الليل، وهو مقيّد [إلى] (١) السجن بثغر الإسكندرية.

والسلطان كان آخر العهد به؛ قيل إنّه خنق ورميت جثّته فى البحر، وقيل إنّ يلبغا عاقبه أشدّ العقوبة، حتى مات تحت العقوبة، ودفنه فى مصطبته، التى كان يركب عليها بداره التى بالكبش، وقيل بل دفنه فى بعض الكيمان بمصر العتيقة، وأخفى قبره عن الناس، ولم يدفن فى مدرسته التى أنشأها بسوق الخيل.

ومات وله من العمر (٢) دون الثلاثين سنة، قيل سبعة (٣) وعشرين سنة، وقد بدت لحيته ودارت بوجهه (٤)؛ وكانت أمّه جارية روميّة الجنس.

والعجيب أنّ يلبغا كان مملوك السلطان حسن، اشتراه بماله صغيرا، وربّاه، وأنعم عليه بتقدمة ألف، وكان عنده من المقرّبين؛ فجرى فى حقّه منه ما جرى، وقتله أشرّ قتلة، وكانت قتلته فى ليلة الثانى عشر من جمادى الآخرة سنة اثنتين وستين وسبعمائة.

وكانت مدّة سلطنته بالديار المصرية، والبلاد الشامية، عشر سنين ونصف وأيام، فالسلطنة الأولى ثلاثة (٥) سنين وتسعة أشهر وأيّام؛ ثم أقام فى السلطنة الثانية ستّ سنين وسبعة أشهر وأيام.


(١) [إلى]: تنقص فى الأصل.
(٢) العمر: عمر.
(٣) سبعة: كذا فى الأصل.
(٤) بوجهه: بوجه.
(٥) ثلاثة: كذا فى الأصل.