للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمره جدّا، حتى صار يخرج من القاهرة فى كل يوم نحو عشرين ألف جنازة؛ وقد ضبط فى مدّة شهر شعبان ورمضان من مات فى هذا الطاعون، فكان نحوا من تسعمائة ألف إنسان، من رجال ونساء، وكبار وصغار، وجوار وعبيد، ولم يسمع بمثل هذا الطاعون فيما تقدّم من الطواعين المشهورة فى صدر الإسلام.

وتوفّى فى هذا الطاعون الشيخ الصالح، العابد الزاهد، الشيخ عبد الله محمد بن سليمان المنوفى المغربى، المالكى المذهب، وكان من كبار الأولياء، وله كرامات خارقة، ودفن بالصحراء، بالقرب من تربة الأشرف قايتباى، وصار قبره يزار فى كل يوم سبت إلى الآن.

قال الشيخ شمس الدين محمد الذهبى فى تاريخه: نقل المدائنى، أنّ الطواعين المشهورة فى صدر الإسلام خمسة، وهى (١): طاعون شيرويه، كان بالمدائن ببلاد الفرس، فى حياة رسول الله، .

وطاعون عمواس، كان فى زمن عمر بن الخطاب، ، كان بالشام سنة سبع عشرة من الهجرة؛ وإنما سمّى طاعون عمواس، لأن كان مبدأه من قرية بين الرملة والقدس، تسمّى عمواس، وهى بلدة صغيرة، ظهر منها الطاعون، ثم انتشر إلى الشام، فنسب إليها، وسمّى طاعون عمواس.

وتوفّى فى هذا الطاعون جماعة من الصحابة منهم: أبو عبيدة بن الجراح، ومعاذ ابن جبل، وشرحبيل بن حسنة، ويزيد بن أبى سفيان، أخو معاوية، والحارث ابن هشام، أخو أبى جهل، وأبو جندل، وسهيل بن عمرو، وهو والد أبى جندل، فهؤلاء توفّوا فى طاعون عمواس، ومات فيه من الناس ما لا يحصى عددهم.

ثم وقع الطاعون بالكوفة، سنة تسع وأربعين من الهجرة، فلما وقع الطاعون بالكوفة، خرج المغيرة بن شعبة من الكوفة فارّا من الطاعون، فلما ارتفع الطاعون من الكوفة، رجع إليها وأقام بها مدّة يسيرة، وطعن، ومات عقيب ذلك؛ ومات به من الناس نحو ألف ألف وستمائة ألف وخمسون ألف إنسان، وكان يسمّى هذا


(١) وهى: وهم.