للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما انفصل عن القضاء، أنشأ وهو يقول:

خلعت ثوب القضاء طوعا … ولم أكن فيه بالظلوم

إن زال جاء القضاء عنى … كان لى الجاه بالعلوم

ولما توفّيت زوجته بالشام، أنشأ يقول:

إذا ما زوجة الإنسان ماتت … فما بقيت لمسكنه سكينة

وكيف يطيعه نظم ونثر … ولا بيت لديه ولا قرينة

ومن شعره اللطيف ما قاله من فنّ دو بيت، موريا باسمه فى ماء سائبة، وهو قوله (١):

يا روضة حسن ليتها لى وحدى … الشركة فيك قد أذابت كبدى

ما ضرّك أن تسقى بماء فرد … والواجب أن يكون ماء الورد

وفى هذه السنة، أعنى عن سنة تسع وأربعين وسبعمائة، فيها توفّى الشيخ صفّى الدين أبو الخطاب عبد العزيز الحلّى، وكان من فحول الشعراء، وله شعر جيّد، غير أنّه كان غير ماهر فى فنّ التورية، وكانت من غير مذهبه، وكان يرضى فى نظمه بالشعر الساذج، ولم يتعرّض إلى التورية فى شعره، والدليل على ذلك ما قاله الشيخ جلال الدين بن خطيب داريا، مداعبة فى حقّ الصفىّ الحلّى، وهو قوله:

تصفّحت ديوان الصفىّ فلم أجد … لديه من السحر الحلال مرامى

فقلت لقلبى دونك ابن نباتة … ولا تصحب الحلّى فهو حرامى

فالشيخ جلال الدين أراد بالسحر الحلال، الذى ما وجده فى ديوان الصفىّ الحلّى، عن التورية فى شعره، بخلاف ابن نباتة (٢)؛ ومن لطائف شعر الصفىّ الحلّى قوله:

غارت وقد قلت لمسواكها … أراك تجنى ريقها يا أراك

قالت تمنّيت جنى ريقتى … وفاز بالترشاف منها سواك

ومن مخترعاته قوله:

قيل شأن العقيق أن يبطل ال … سحر بتختيمه لسرّ حقيقى


(١) قوله: يقول.
(٢) ابن نباتة: ابن تباتة.