للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من عزل، وولّى من ولّى (١)؛ وفيه يقول الشهاب بن أبى حجلة من أبيات:

غدا سلطاننا ملك البرايا … رعاه الله يعدل فى الرعايا

حواصل عدل والده حواها … وأخرج من زواياها الخبايا

فمهلا فى التمادى والأيادى … فقد حزت النهاية فى العطايا

ووجهك حاز كل الحسن طرّا … فهل خلّفت خلفك من بقايا

وفى هذه السنة، أعنى عن سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، فيها كانت وفاة الحافظ العلامة الشيخ شمس الدين محمد الذهبى، المؤرّخ، وكانت وفاته بدمشق، واختلف فى وفاته (٢)، فمن الناس من يقول إنّه توفّى سنة أربع وأربعين وسبعمائة، ومن الناس من يقول إنّه توفّى سنة ثمان وأربعين وسبعمائة؛ وكان من ثقاة المؤرّخين، وكان صحيح النقل فيما رواه فى تاريخه؛ وكان مولده سنة ثلاث وسبعين وستمائة، فكانت مدة حياته نحو خمسة وسبعين سنة وأشهر، وكان عالما فاضلا؛ وفيه يقول القائل:

ما زلت بالسمع أهواكم وما ذكرت … أوصافكم قط إلا ملت من طربى

وليس من عجب إن ملت نحوكم … فالناس بالطبع قد مالوا إلى الذهبى

وفى هذه السنة احترق بحر النيل احتراقا زائدا، مما يلى برّ مصر، حتى عزّ وجود الماء الذى كانت تنقله السقاءون من البحر، وفيه يقول بدر الدين بن الصاحب:

لم تزل للوفاء يا نيل أهلا … ولك الفضل فى الدفاتر تملا

إنّ مصرا ترمّلت منك دهرا … وهى ترجو (٣) مراجعا منك بعلا

فلما جرى ذلك، اتّفق رأى الأمراء على أن يسدّوا البحر مما يلى برّ الجيزة، فندبوا الأمير منجك اليوسفى، وزير الديار المصرية، بأن يتولّى أمر ذلك؛ فأظهر فى هذه الحركة أنواعا كثيرة من أبواب المظالم، فأرمى على كل دكّان بمصر والقاهرة


(١) وولى من ولى: وولا من ولا.
(٢) واختلف فى وفاته: انظر ما ورد عن ذلك، هنا فيما سبق، ص ٦ آ.
(٣) ترجو: ترجوا.