للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الملك المظفّر؛ فأرسل نائب السلطنة خلف الأمراء قاطبة، وذكر لهم ما سمعه عن السلطان، فاتّفق رأى الأمراء كلها (١) على خلعه.

فلما كان يوم الأحد ثانى عشر شهر رمضان، وثبوا الأمراء على السلطان، ولبسوا آلة الحرب، وتوجّهوا إلى قبّة النصر، التى تحت القلعة.

فلما بلغ السلطان ذلك، أمر بشدّ الخيول، ودقّ الطبول حربى، وزعق النفير، ثم نزل من القلعة، ومشى تحت الصنجق السلطانى، ولم يكن معه من الأمراء العشرات، والمماليك السلطانية، إلا بعض شئ، وكان صحبته تحت الصنجق مقدّم المماليك عنبر، وبعض مماليك جمدارية صغار؛ فلما مشى، توجّه إلى رأس الصوّة، ووقف ينتظر من يطلع إليه من الأمراء، فلم يطلع إليه أحد من الأمراء، فوقف هناك ساعة يسيرة، ثم مشى إلى بين الترب، ووقف هناك.

وأرسل خلف الأمير شيخوا العمرى، فإنّه كان من ذوى العقول؛ فلما حضر بين يديه، قال له: «ما قصدكم منّى حتى ركبتم علىّ من غير موجب لذلك»؟ فقال له الأمير شيخوا: «إيش كنت أنا، هذا الأمر من الأمراء الذى هم أكبر منّى»؛ فقال له السلطان: «امضى إلى الأمراء، وقل لهم: إيش قصدكم؟ ومهما قالوه ردّ علىّ الجواب».

فمضى الأمير شيخوا إلى الأمراء، وهم بقبّة النصر، وذكر لهم ما قاله السلطان، فقالوا له الأمراء: «امضى إليه، وقل له: القصد أن تخلع نفسك من السلطنة، وادخل إلى دور الحرم، وصن دماء المسلمين، وكفّ القتال عنهم».

فلما عاد الأمير شيخوا إلى السلطان بهذا الجواب، حنق منه، وكان الأمير شيخوا يومئذ مقدّم ألف؛ ثم إنّ السلطان قال لشيخوا: «كيف أخلع نفسى من السلطنة، ما عندى لهم إلا حدّ السيف».

فرجع الأمير شيخوا إلى الأمراء بجواب السلطان؛ فلما سمعوا ذلك، زحفوا عليه، وأشاروا بالحرب إليه، فأثار بينهم غبار الحرب الوارد، وحملوا عليه حملة رجل واحد.


(١) كلها: كذا فى الأصل.