للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال فى مصر القائل من أبيات:

ففى صيفها قارورة، وخريفها … فعنبرة، سوداء طيّبة النشر

وأما شتاها فالزروع زمرد … ويرجع فى فصل الربيع إلى التبر

وقال المعوج الشامى فى المعنى:

إن كان فى الصيف ريحان وفاكهة … فالأرض مستوقد والجوّتنّور

وإن يكن فى الخريف الدوح مذهبة … فإنّ أوراقها بالريح منثور

وإن يكن فى الشتاء الغيم متّصلا … فالأرض عريانة والجوّ مقرور

ما العيش إلا الربيع المستنير إذا … جاء الربيع أتاك النور والنور

فالأرض ياقوتة، والجوّ لؤلؤة … والنبت فيروزج، والماء بلّور

قال الكندى: مصر أعلاها حجازية، وأسفلها شامية، إنّ أهلها لا يحتاجون فى الشتاء إلى التدفّى بالنار، كعادة (١) أهل الشام، ولا فى الحرّ التظلّل (٢) تحت الخيش من حرّ الشمس، كعادة (١) أهل الحجاز، وهى فى الإقليم الثالث والرابع، فسلمت من حرّ الإقليم الأول والثانى، ومن برد الإقليم السادس والسابع، فضعف حرّها، وخفّ بردها.

قال صاحب «مباهج الفكر ومناهج العبر»: ليس فى الدنيا شجرة إلا وبمصر عرفها؛ ويوجد بمصر فى كل وقت من الزمان من المأكول والمشموم، وسائر أصناف البقولات والخضر، فى الصيف والشتاء، لا ينقطع لبرد ولا لحرّ.

قال بعض الحكماء: لولا ماء طوبة، ورميس أمشير، ولبن برمهات، وورد برمودة، ونبق بشنس، وتين بؤونة، وعسل أبيب، وعنب مسرى، ورطب توت، ورمّان بابة، وموز هاتور، وسمك كيهك، لما سكنت مصر.

وقال جالينوس الحكيم: لولا قصب السكّر بمصر، ما برئت العلل عن أهلها سريعا؛ وقيل: يعمل من قصب السكر ألف نوع من الحلوى والأطعمة وغير ذلك،


(١) كعادة: كعادت.
(٢) التظلل: التضلل.