للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغرّدت أطيارها، يعنى فى فصل الربيع، وقال القائل فى المعنى:

إنّ فصل الربيع فصل مليح … نحن فى السعد منه كالأغنياء

ذهب حيثما ذهبنا، ودرّ … حيث درنا، وفضة فى الفضاء

وقال بعض الحكماء: مصر نيلها عجب، وأرضها ذهب، وهى لمن غلب، ونساؤها (١) لعب، وملكها سلب، ومالها رغب، وخيرها جلب، وفى أهلها صخب، وطاعتهم رهب، وحربهم حرب.

قال الكندى: نيل مصر سيّد أنهار الدنيا، لأنه يخرج من الجنّة. من تحت سدرة المنتهى، كما ورد به خبر الشريعة؛ وقال كعب الأحبار: النيل يصير يوم القيامة نهر العسل فى الجنّة، وقيل نهر الخمر، والله أعلم.

قال المسعودى، فى مروج الذهب: وصف بعض الحكماء أرض مصر، فقال:

ثلاثة أشهر لؤلؤة بيضاء، وثلاثة أشهر مسكة سوداء، وثلاثة أشهر زمردة خضراء، وثلاثة أشهر كهربة صفراء.

فأما اللؤلؤة البيضاء، فإنّ أرض مصر تصير فى شهر أبيب، ومسرى، وتوت، بيضاء، لما يركبها ماء النيل، ويفترش على أرضها، وتصير الضياع مثل الكواكب فى السماء، فلا يصل إليها أهلها إلا فى الزوارق.

وأما المسكة السوداء، فإنّ أرض مصر فى شهر بابة، وهاتور، وكيهك، ينصرف عنها الماء، فتصير مثل المسكة السوداء، ولها روائح طيّبة تشبه روائح المسك.

وأما الزمردة الخضراء، فإنّ أرض مصر فى شهر طوبة، وأمشير، وبرمهات، تصير بالزرع مثل الزمردة الخضراء.

وأما الكهربة الصفراء، فإنّ أرض مصر فى شهر برمودة، وبشنس، وبؤونة (٢)، يدرك الزرع ويحصد، فيصير مثل السبيكة الذهب الصفراء، فهذه صفة أرض مصر فى الأربعة فصول من السنة، انتهى.


(١) ونساؤها: ونساها.
(٢) وبؤونة: وبؤنه.