للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالكرك، فقبض عليهم، وأرسلهم إلى السجن بثغر الإسكندرية؛ وقبض على جماعة من المماليك الناصرية، وأرسلهم إلى قوص، وكان عدّتهم نحوا من ثلثماية مملوك (١).

فلما وقع ذلك من الملك المظفر، نفر عنه قلوب الرعيّة قاطبة من الأتراك والعوام، واختار كل أحد منهم عود الملك الناصر.

ثم صار جماعة من المماليك الناصرية يتسحّبون تحت الليل من القاهرة، ويتوجّهون إلى عند الملك الناصر بالكرك، ويتركون بيوتهم وأولادهم.

فلما بلغ الملك المظفر ذلك، أرسل إلى الملك الناصر الأمير مغلطاى، والأمير قطلوبغا، وعلى أيديهما (٢) مطالعة من عند الملك المظفر، فكان مضمون مطالعة الملك المظفر إلى الملك الناصر: «إذا أنت لم ترجع عن مكاتبتك للأمراء، وإلا نقلتك من الكرك إلى القسطنطينية، كما فعل الملك الأشرف خليل مع أولاد الملك الظاهر بيبرس البندقدارى (٣)»، واستكثر فيها من التهديد عليه، واستوعده بكل سوء.

فلما وصلت هذه المطالعة إلى الملك الناصر، اشتدّ غضبه على الأمير مغلطاى، وقطلوبغا، فأغلظ عليه الأمير مغلطاى فى القول، فعرّاه وضربه بالمقارع، ثم اعتقله هو وقطلوبغا فى الجبّ بقلعة الكرك.

ثم إنّ الملك الناصر أرسل مكاتبات إلى نائب حلب، ونائب طرابلس، ونائب صفد، ونائب حماة، وهو يقول لهم فيها: «لما اشتدّ علىّ الضنك من الأمراء، خرجت من مصر، وتركت لهم الملك، ورضيت من الدنيا بأحقر الأماكن، وأضيق المساكن، ليستريح خاطرى من النكد، فما بيرجعوا (٤) عنى، وأرسل المظفر يهدّدنى بالنفى إلى القسطنطينية، كما جرى على أولاد الملك الظاهر بيبرس، وأرسل يطلب منى


(١) مملوك: مملوكا.
(٢) أيديهما: أيدهما.
(٣) البندقدارى: البندقدارى.
(٤) بيرجعوا: كذا فى الأصل، ونلاحظ استعمال الباء فى أول الفعل المضارع المستمر، وهو أسلوب عامى شائع فى لغتنا الحاضرة.