للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن دمشق، واستناب عليها أميرا من التتار، يقال له قطلو شاه بك، ومعه عسكر (١) من التتار، وولّى الأمير قفجق نائب الشام، كما كان أولا؛ هذا ما كان من أمر غازان.

وأما ما كان من أمر الملك الناصر بعد هذه الكسرة، فإنّه دخل بعلبك وأقام بها أياما، فتسامع به العسكر، وتراجع إليه قليلا، قليلا؛ فلما تكامل العسكر، قصد التوجّه إلى نحو الديار المصرية، فجدّ السير حتى وصل إلى القاهرة فى خمسة عشر يوما، فدخل إلى القاهرة على حين غفلة، وطلع إلى القلعة، وقد نهب جميع بركه من صامت وناطق، وكذلك الأمراء والعسكر قاطبة.

فلما طلع إلى القلعة، فتح الزردخاناة، وفرّق ما فيها من لبوس وخوذ وسيوف؛ ثم فتح خزائن المال، ونفق على العسكر، فأعطى لكل مملوك ثمانين دينارا، وأعطى (٢) لجماعة منهم سبعين دينارا، ولجماعة ستين دينارا، وأعطى (٢) لجماعة خمسين دينارا.

ثم نفق على عسكر الشام الذى حضروا صحبته، فأعطى (٢) لكل واحد منهم عشرة دنانير ذهب، وعشرة أرادب شعير، وعشرة أرادب قمح.

ثم نفق على الأمراء المقدمين، والأمراء الطبلخانات، والأمراء العشراوات، فأعطى كل واحد على قدر مقامه، وكان القائم بتدبير ملكه الأمير سلار، نائب السلطنة، والأتابكى بيبرس الجاشنكير.

ثم إنّ الملك الناصر قصد العود إلى محاربة غازان، فبرز خامه بالريدانية، وخرج من القاهرة ثانيا، وصحبته الإمام أحمد الحاكم بأمر الله، والقضاة الأربعة، والأمراء والعسكر.

فلما أراد الرحيل من الريدانية، تقلّب عليه العسكر، وشكوا، فنفق عليهم نفقة ثانية، ثم رحل من الريدانية، طالبا للبلاد الشامية، فتقدّم فى جاليش العسكر الأمير سلار، النائب، والأتابكى بيبرس الجاشنكير.

فلما وصل الجاليش إلى دمشق، خرج إليه الأمير قفجق، نائب الشام، وأظهر


(١) عسكر: عسكرا.
(٢) وأعطى: وأعطا.