للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشهود من الجلوس فى الحوانيت، وعزل نوّاب القضاة الأربعة واقتصارهم على سبعة نوّاب لكل قاض من غير زيادة على ذلك. ومنها واقعة العقود وما تقرر على تزويج البكر ستين نصفا والامرأة الثيّب ثلاثين نصفا، وقد تقدّم القول على ذلك فكان ذلك من أشدّ الكرب على المسلمين. ومنها جلوس مقدّم الوالى والجبليّة على أبواب قضاة القضاة من باكر النهار إلى آخره ليأخذوا ما يتحصّل من عقود الأنكحة، ويمضون بذلك إلى بيت الوالى ويسمّون ذلك اليسق العثمانى، ولا يتزوّج أحد من الناس ولا يطلّق إلا فى باب قاض من القضاة الأربعة، فضيّقوا على المسلمين غاية الضيق.

ومن الحوادث الشنيعة أن ملك الأمراء أخلع على شخص يقال له جمال الدين يوسف بن أبى الفرج، ويعرف بابن الجاكية، وقرّره فى وظيفة وسمّاه مفتش الرزق الجيشية، فلما استقرّ فى هذه الوظيفة أطلق فى الناس النار، ورافع الشهابى أحمد ابن الجيعان بأنه أخذ من ديوان الجيش أقاطيع سلطانية ورزق جيشية، وصنع لها مكاتيب شرعية بمشترى من بيت المال وأباعها على الناس، ورافع أيضا الزينى أبا بكر بن الملكى بمثل ذلك، حتى تكلّم فى حقّ المقرّ الشهابى أحمد بن الجيعان بأنه ابتاع من ديوان الجيش رزق وإقطاعات صنع لها مكاتيب شرعية وابتاعها على الناس بنحو عشرين ألف دينار، وأظن أن هذا الكلام ليس بصحيح وهذا باطل لا محالة. فتغيّر خاطر ملك الأمراء على المقرّ الشهابى أحمد بن الجيعان وصار إذا طلع إلى القلعة لا يخاطبه أصلا، ورسم للزينى أبى الوفا الحلبى، موقع ملك الأمراء من حين كان بحلب، بأن يقرأ عليه القصص عوضا عن الشهابى أحمد بن الجيعان، فعظم أمر الزينى أبى الوفا الموقّع فى هذه الأيام جدا، حتى صار فى مقام من تقدّم من كتّاب السرّ، وصار من أعيان الرؤساء بالديار المصرية.

ثم إن الجمالى يوسف بن أبى الفرج أخذ من الناصرى محمد بن خاص بك رزقتين بمكاتيب شرعية، فطعن فى مكاتيبه وقال له: أصل هذه الرزق كانت أقاطيع سلطانية.

فأخذ منه المكاتيب وأشهد عليه لا حقّ له فيها وطلع بها إلى ملك الأمراء. وصار يفعل من هذا النمط بجماعة كثيرة من الناس من رجال ونساء، ويأخذ مكاتيبهم من