للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيديهم ويشهد عليهم أن لا حقّ لهم فيها ويطلع بالمكاتيب إلى ملك الأمراء، فأطلق فى الناس جمرة نار وضجّ منه الناس قاطبة، حتى قيل أخذ من أيدى الناس فوق من ثمانين رزقة بمكاتيب شرعية وطلع بها إلى ملك الأمراء، وحصل للناس منه الضرر الشامل، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلىّ العظيم.

وما اكتفى ملك الأمراء بيوسف بن أبى الفرج فى أفعاله بالناس حيث جعله مفتش الرزق الجيشية، فجعل الأمير على العثمانى مفتش الأوقاف أيضا من بلاد وبيوت وغير ذلك، فاجتمع على بابه الرسل الغلاظ الشداد والبرددارية، وصاروا يطلبون الناس أصحاب الأوقاف، فإذا حضروا ومعهم مكاتيبهم فيخيشون (١) عليهم ويقولون لهم: إيش على هذا الوقف مصاريف، وإيش متحصّله فى كل سنة؟ فيدعون (٢) أصحاب الأوقاف فى الترسيم ويقرّرون (٣) عليهم مبلغا ثقيلا للأمير على هو ودواداره والبرددار والرسل ومن عنده من المباشرين، ويكتبون له على مكتوبه: عرض، ثم يطلقونه (٤) بعد أن يلتهب من الغرامة فوق ما لا يطيق، فصار الأمير على متكلما على فرع من أبواب المظالم المهولة، ويوسف بن أبى الفرج متكلّما على فرع من أبواب المظالم المهولة، فأطلقا فى الناس النار الموقدة. وأقول: إن أولاد ابن أبى الفرج من عمرهم بيت ظلم وعسف، وطبعهم الأذى هم وأجدادهم من أيام الملك الناصر فرج ابن الظاهر برقوق، وقد تقدم القول على ذلك.

ومن الحوادث فى أواخر هذه السنة أن ملك الأمراء جهّز مراكب أغربة، وفيها عدّة جماعة من المقاتلين، فتوجّهوا إلى البحر الملح، وقد بلغه أن جماعة من الفرنج يتعبّثون فى السواحل على المسافرين، فلما توجّهوا إلى البحر الملح وجدوا مراكب فيها تجار من الفرنج ومعهم بضائع بنحو خمسين ألف دينار، فتقاتلوا معهم فانكسروا الفرنج وقبضوا عليهم واحتاطوا على ما معهم من البضائع. فلما حضروا إلى مصر وعرضوا على ملك الأمراء رسم بضرب أعناقهم، وكانوا نحو تسعة عشر إنسانا من


(١) فيخيشون: فيخيشوا.
(٢) فيدعون: فيدعوا.
(٣) ويقررون: ويقرروا.
(٤) يطلقونه: يطلقوه.