لملك الأمراء خاير بك فى السرّ بينه وبينه: اتسلطن أنت بمصر، وأستمرّ أنا بالشام، وأحكم من الفراة إلى غزّة، ونطرد هذه العثمانية عن مملكة مصر. فلما وقف خاير بك على مطالعة الغزالى أفشى سرّه، وكان الغزالى أرسل يقول (١) لخاير بك: إن لم تتسلطن أنت فعندى من يتسلطن. فأراد خاير بك أن يتنصّح للسلطان سليمان فأرسل له مطالعة الغزالى التى أرسلها إليه فى السرّ، فلما وقف السلطان سليمان على مطالعة الغزالى أرسل يقول (١) لخاير بك: لا تخرج أنت من مصر إلى الغزالى فنحن نكفيك مؤنته.
ثم إن السلطان سليمان أرسل تجريدة إلى الغزالى نائب الشام، فجّهز له من العساكر العثمانية نحو أربعة عشر ألف مقاتل، فخرجوا من إسطنبول على حميّة وتوجّهوا إلى دمشق، فاتّقعوا مع الغزالى على حلب، فانكسر منهم وتوجّه إلى حماة وحمص، فاتّقعوا معه هناك فانكسر منهم فتوجّه إلى دمشق، فكان بين الفريقين وقعة مهولة على القابون خارج مدينة دمشق، فقتل من عسكر الغزالى هناك ما لا يحصى من عربان وأكراد وتركمان ومماليك جراكسة ومن أهل دمشق، حتى قيل قتل فى المعركة من أهل دمشق شيوخ وشبان وأطفال، ومن سوقة دمشق، وكانت هذه الحادثة تقرب من واقعة تيمور لنك لما دخل إلى دمشق، وقد خرب فى واقعة الغزالى ثلث دمشق من ضياع وحارات وأسواق وبيوت، وتمّت الكسرة على الغزالى فهرب واختفى، وقيل بل قبض عليه فى المعركة وقتل وحزّت رأسه وبعثت إلى إسطنبول ومضى أمره.
وإلى الآن تشكّ جماعة من الناس فى قتله ويقولون: ما قتل وهو باق فى قيد الحياة وأنه هرب إلى عند الصوفى بعد وقوع المعركة. والأصح أنه قتل فى الوقعة التى كانت على القابون، ووقع للناس الشك فى قتلته كما وقع لهم فى قتلة قانصوه خمسمائة من الشك.
ووقع فى هذه السنة من الحوادث وهو حرق النصارى على باب المدرسة الصالحية، وقد تقدّم خبر هذه الواقعة. ومن الحوادث ما وقع للشيخ عبد المجيد بن الطرينى وقصّته مشهورة. ومن الحوادث منع الوكلاء من باب المدرسة الصالحية، ومنع