للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ستة أرادب دقيق برسم الورّاد عليه فى المحلّة، ويعلّق فى كل ليلة اثنى عشر أردبا من الشعير والدسوت عمالة بالطعام ليلا ونهارا للورّاد عليه من سائر البلاد، فتجمّد عليه هذه الديون العظيمة، وسبق كما سبق غيره من الأكابر، ولكن يلطف الله به والكريم ما يضام، فكان أحق بقول القائل فى المعنى:

لنا غنم تعرف وجوه ضيوفنا … تجى من مراعيها تروم الذبايح

لنا خدم ما ينبت الشعر روسها … لحمل القرى من أجل آت ورايح

وفيه رسم ملك الأمراء بشنق شخص من المماليك، قيل هو من مماليك أمير آخور كبير، وقيل هو خازنداره، وكان شابا حسنا فشقّ ذلك على الأتراك قاطبة، وشنق معه فى ذلك اليوم أربعة من الحراميّة، وقد تزايد شرّه فى هذه الأيام. -

وفيه أشيع بين الناس أن الأنكشارية الذين (١) كانوا بالقاهرة وتوجّهوا إلى إسطنبول، فلما دخلوا إلى ثغر الإسكندرية وقع بينهم هناك فتنة عظيمة وقتل منهم جماعة، فلما بلغ ملك الأمراء ذلك تنكّد لهذا الخبر وعيّن لهم الكاخية الكبير أغاتهم، فسافر إلى الإسكندرية فى ساعته حتى يصلح بينهم ويكشف عن سبب هذه الفتنة ومن أثارها من الأنكشارية أو من الكمولية الذين (١) سافروا من القاهرة، فتوجّه الكاخية إلى الإسكندرية بسبب ذلك.

وفى شهر ذى الحجة أهلّ يوم الجمعة، فطلع القضاة الأربعة إلى القلعة وهنّوا ملك الأمراء بالشهر، ثم عادوا إلى دورهم. - وفى يوم السبت ثالثه حضر قاصد من مكّة وصحبته رأسان فى علبة، زعموا أن أحدهما رأس شخص يقال له إسكندر، وكان أصله من مماليك السلطان الغورى، وكان أرسله صحبة التجريدة التى أرسلها إلى بلاد الهند بسبب محاربة الشيخ عامر متملّك زبيد وعدن وكمران، فلما توجهوا إليه العسكر الذين (١) أرسلهم السلطان الغورى تحاربوا معه فانكسر منهم وقتل فى المعركة فملكوا منه بلاده وأمواله، ثم إن إسكندر المذكور ملك بلاد الشيخ عامر وتسلطن بها، وعصى على السلطان الغورى، وجعل له هناك أمراء وعسكرا، وخطب باسمه


(١) الذين: الذى.