للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد بلغه أنهم يبشوّشوا (١) على أهل مصر غاية التشويش، فأرسل أخذ منهم نحو خمسمائة إنسان من أصبهانية ومن أنكشارية، وأراح المسلمين منهم فإنهم كانوا من كبار المفسدين. فخرج الدفتردار فى ذلك اليوم فى موكب حافل كما تقدم. - وفيه كانت وفاة الناصرى محمد بن الأمير جانى بك كوهية، وكان ريّسا حشما دينا خيرا من أعيان أولاد الناس، حسن السيرة لا بأس به.

وفيه قدم من إسطنبول سيدى محمد بن الكويز، وكان توجّه إلى نحو إسطنبول مع جملة من أسر من أهل مصر، فلما أفرج السلطان سليمان عنهم حضر إلى مصر، وكان حسن السيرة فى التحدّث فى أمر المواريث. - وفى يوم الثلاثاء رابع عشره حضر أولاق من عند السلطان سليمان، وعلى يده مراسيم تتضمن أنه قد انتصر على الفرنج نصرة عظيمة، وفتح عدّة مدائن من مدائن الفرنج، وملك عدّة قلاع من قلاعهم، وصار كل ما ملك مدينة من مدائنهم يجعل كنائسهم جوامع بمحاريب ومنابر، وخطب باسمه فيها، وكانت هذه النصرة على غير القياس. فلما تحقق ملك الأمراء ذلك رسم بدقّ البشائر بالقلعة، ونادى فى القاهرة بالزينة فزيّنت سبعة أيام متوالية، وفتك الناس فى هذه الزينة فتكا ذريعا حتى خرجوا فى ذلك عن الحدّ، وتجاهروا بالمعاصى ليلا ونهارا. وفى هذه النصرة يقول الأديب البارع محمد بن قانصوه من صادق، وأجاد بقوله:

أفدى سليمان من مليك … ليس له فى الورى مقايس

أنكرسا داسها وهدّت … من دوسه وهو خير دايس

ومنه صارت لخير دين … مدارسا أمحت الكنايس

مذ سلّطت جنّه عليها … وصفّدت جنّها النكايس

من أجل ذا زيّنت سرورا … مصر وأضحت رجاء آيس

وأومأت وهى فى رخاء … بثغر بشر لكل بايس

والناس فى فرجة عليها … كفرجة العرس بالعرايس


(١) بيشوشوا: كذا فى الأصل.