للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غلام راكب، بل يمشى على طريقة العثمانية فى أفعالهم يأخذ الغلام الغاشية على كتفه ويمشى قدّامه.

وفى يوم الأربعاء ثامن الشهر نفق ملك الأمراء الجامكية على المماليك الجراكسة، بعد ما عوّق جوامكهم وعليقهم ستة أشهر حتى عاينوا الموت من ضيق الحال بهم، فأصرف لهم ثلاثة أشهر وأخّر لهم ثلاثة أشهر، ولم يصرف لهم العليق. فقبض فى ذلك اليوم كل مملوك من الجراكسة أحد عشر (١) أشرفيا ذهبا وثمانية أنصاف من الذهب العثمانى، فأقاموا عليهم كل أشرفى ذهب بأشرفين فضة، فخسروا فى صرف كل أشرفى ذهب عشرة أنصاف فضة، فكانت خسارتهم فى العشرين أشرفيا خمسة أشرفية ونصفين فضة، فحصل لهم الضرر الشامل بسبب ذلك بعد صبرهم ستة أشهر بلا جامكية ولا عليق، فأصرف لهم ثلاثة أشهر وأخّر لهم ثلاثة أشهر وراح العليق عليهم.

وأشيع أن الديوان مشحوت غاية الانشحات، وأن ملك الأمراء عليه نحو ستين ألف دينار دينا، والمباشرون استخرجوا من البلاد من القسط الأول أربعة أشهر معجلا من مغلّ سنة سبع وعشرين وتسعمائة القبطية، قبل أن يفى النيل ويزرعوا الفلاّحون وتروى الأراضى، فحصل للفلاّحين غاية الضرر من ذلك، ورحل بعض فلاّحين من البلاد السلطانية من الظلم والجور. وقد انحطّ سعر الغلال عما كان أولا من الارتفاع.

وكان سبب انشحات الديوان من أشياء توجب لذلك، فإن المال الذى يجئ من البلاد صار يقسم على سبع طوائف من العسكر وهم: المماليك الجراكسة وأمراؤهم الذين (٢) تأخّروا بمصر، ثم الأصبهانية وأمراؤهم القاطنون بمصر، ثم الصوباشية والأنكشارية والكمولية، ثم مماليك ملك الأمراء، وذلك خارجا عن كلفة من يرد من المملكة الرومية من القصّاد والمتردّدين من إسطنبول وغيرها، فكان ملك الأمراء ينعم عليهم بالعطاء الجزيل الخارق للعوايد. - وقد بلغنى ممن أثق به أن


(١) أحد عشر: كذا فى الأصل، وانظر فيما يلى ص ٤١٠ س ٢ - ٣ حيث يقول إنه رتب لكل مملوك صبعة دنانير فى الشهر.
(٢) الذين: الذى.