للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما عاد تخلّقت عياله بالزعفران ودقت على بابه الطبول والزمور، وهنّوه بالسلامة.

وفى سلخ شهر رمضان حضر الدفتردار محمد بن إدريس، الذى كان توجّه إلى دمياط والبرلس وبقية الثغور بسبب جبى الأموال التى أضيفت إلى خزائن مولانا السلطان سليمان، فلما وصل إلى بولاق نزل إليه ملك الأمراء ولاقاه من هناك، واستمرّ معه حتى أوصله إلى داره.

وفى شهر شوال كان عيد الفطر مستهلّه يوم الاثنين، وقد ثبت رؤية هلال شوال بعسر، فإن هلال رمضان ثبت على القاضى زكريا أحد نوّاب الشافعية وشكّوا الناس فى ذلك، وقالوا إن ذلك اليوم الذى صاموه كان آخر يوم من شعبان، فوقع الشكّ بسبب ذلك، وما قاسى زكريا خيرا من الناس لأجل أن هلال شهر رمضان قد ثبت عليه، وكانت الميقاتية حكموا بأنه لا يرى فى تلك الليلة أبدا، فلما كان هلال شوال أرسل ملك الأمراء يقول للقاضى الشافعى: انتوا أثبتّوا هلال شهر رمضان على أربعة درج، وقد شكّوا الناس فى ذلك، فما تفعلوا فى هلال شوال؟ فأرسل يقول (١) له قاضى القضاة الشافعى: هلال رمضان رؤى حقّا وقامت به البينة وزكّيت وغدا (٢) من شوال محقّق. ثم إن قاضى القضاة الشافعى نادى فى القاهرة غدا (٢) من شوال، وهذا قطّ ما اتفق بأن ينادى قبل رؤية الهلال: غدا (٢) من شوال، فعدّ ذلك من النوادر، وكان موكب العيد حافلا بالقلعة.

وفيه كان دخول المقر الشهابى أحمد بن الجيعان على ابنة الأمير خاير بك كاشف الغربية أحد الأمراء المقدّمين (٣) الألوف، وهى التى كانت زوجة الأمير تانى بك الخازندار أحد الأمراء المقدّمين، وكانت غير محمودة السيرة فى أفعالها. وقبل ذلك بمدة يسيرة تزوّج القاضى أبو بكر بن الملكى بابنة الأمير قانصوه المعروف بأبى سنّة أحد الأمراء المقدمين. وقد صارت المباشرون تتزوّج بأولاد الأمراء المقدمين ولا ينكر ذلك عليهم فى هذا الزمان. - وفيه قدمت الأخبار بأن السلطان سليمان بن عثمان لما توجّه إلى قتال الفرنج اتّقع معهم وقعة مهولة، وقتل من عسكره ما لا يحصى عددها، وقتل فى المعركة


(١) يقول: يقل.
(٢) غدا: أغدا.
(٣) المقدمين الألوف: كذا فى الأصل.