للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أشيع أن الأنكشارى الذى كان مرسّما عليه خنقه تحت الليل وأخذ ما معه من المال الذى كان يرده لأصحاب الديون على أول الشهر، وأشيع عنه أنه خنق نفسه فأصبح ميتا، ومضى أمره إلى حال سبيله.

وفى يوم الخميس سابع عشرين شهر رمضان كان يوم النوروز، وهو أول يوم من السنة القبطية وهى سنة سبع وعشرين وتسعمائة القبطية، فكان أولها يوم النوروز. ففى ذلك اليوم بلغ النيل فى الزيادة سبعة عشر أصبعا من تسعة عشر ذراعا، واستمر فى الزيادة عمّالا.

وفى يوم السبت تاسع عشرين شهر رمضان وقع فيه من الحوادث كاينة سيدى عمر بن الملك المنصور عثمان بن الملك الظاهر جقمق، وذلك أن القول تقدّم بما وقع لسيدى عمر مع ملك الأمراء بسبب أمر الفلاّحين، فاستمرّ سيدى عمر تابع غلطه مع الفلاّحين كما تقدّم، فوقفوا وشكوه إلى ملك الأمراء ثانيا، فتغيّر خاطره على سيدى عمر واحتدّ منه فأرسل إليه نقيب الجيش، فقال له: رسم ملك الأمراء بأن تقوم (١) فى هذه الساعة وأن تنزل فى المركب وتتوجّه إلى دمياط. فاستمرّ عنده حتى كتب وصيّة وقام وركب من وقته وتوجّه إلى بولاق، ونزل فى مركب وسارت به إلى نحو دمياط. فهذا كله بسبب الفلاّحين من صلابة سيدى عمر وقوة رأسه وقلّة دربته، حتى اتسعت هذه الحادثة بينه وبين ملك الأمراء على هذا الأمر الفشروى الذى لم يستحق هذا كله فوقع له هذه الكاينتين (٢) فى شهر واحد، فشقّ ذلك على الناس قاطبة، فوقع له البهدلة من ملك الأمراء مرتين: الأولى بسجنه فى العرقانة، والثانية بنفيه إلى دمياط وركوبه على بغلة وهو متوجّه إلى بولاق. فلما جرى ذلك توجّهوا عيال سيدى عمر إلى بيت الملكة خاتون عمة السلطان سليمان بن عثمان، وتراموا عليها فى أن تشفع عند ملك الأمراء فى عود سيدى عمر من النفى، فأرسلت إلى ملك الأمراء ولدها مصطفى بك فشفع عنده فى سيدى عمر بأن يعود إلى داره، فقبل شفاعة الملكة خاتون ورسم بعود سيدى عمر إلى داره، فعاد بعد ما سار فى البحر يوما وليلة،


(١) تقوم: تقم.
(٢) هذه الكاينتين: كذا فى الأصل.