للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لله يوم الوفاء والناس قد جمعوا … كالروض تطفو على نهر أزاهره

وللوفاء عمود من أصابعهم … مخلّق تملأ الدنيا بشائره

وفى يوم الثلاثاء رابع شهر رمضان صعد الدفتردار محمد بن إدريس إلى القلعة، واجتمع الأمراء العثمانية بالقلعة وقرئ عليهم مرسوم السلطان سليمان، فكان من مضمونه التوصية بالرعية قاطبة، وأن ملك الأمراء ينظر فى إصلاح المعاملة من الذهب والفضة، فوقع فى ذلك المجلس بعض تشاجر بين ملك الأمراء والدفتردار بسبب ذلك، فقال ملك الأمراء: أنا ما أغيّر معاملة السلطان سليم شاه ولا أخرج عن ما وقع فى أيامه بأن الأشرفى الذهب يصرف فى المعاملة بخمسين نصفا على العادة. ثم إن ملك الأمراء رسم بإحضار التجّار، فلما طلعوا إلى القلعة تكلّموا معهم فى أمر صرف الأشرفى الذهب الواسع بخمسين نصفا، فتضرّروا من ذلك وقالوا: ما يوافقنا أحد من الناس على ذلك. وانفضّ المجلس مانعا من ذلك، ثم إن القاضى بركات بن موسى المحتسب تكلّم مع ملك الأمراء بأن يصرف الأشرفى الذهب العثمانى بخمسة وأربعين نصفا، وفى البيع والشرى بستة وأربعين نصفا، فوقع الاتفاق على ذلك، ونودى فى القاهرة بذلك فسكن الاضطراب قليلا بعد ما غلقت الأسواق يومين. ثم إن ملك الأمراء جعل القاضى حمزة العثمانى متكلّما على دار الضرب، ثم فيما بعد لم يتمّ أمر صرف الذهب لواسع بخمسة وأربعين نصفا، وصار يصرف بأربعين نصفا، وعزّ وجود الفضة جدا، وصار الأشرفى الذهب يصرف بمشقة زائدة من السوقة ويعطون (١) فيه النصف فضة والنصف فلوس جدد، وحصل للناس بسبب ذلك الضرر الشامل.

وفيه قدمت الأخبار من إسطنبول بأن وقع بها طاعون عظيم، وصار يموت بها فى كل يوم ما لا يحصى. - وفيه توجّه الدفتردار الذى حضر إلى ثغر دمياط والبرلس وثغر الإسكندرية أيضا، بسبب جبى أموال الثغور التى (٢) أضيفت إلى خزائن الخندكار بالروم، فخرج الدفتردار وصحبته القاضى حمزة.

وفى أثناء هذا الشهر حضر من إسطنبول، مع جملة من حضر منها، القاضى


(١) ويعطون: ويعطوا.
(٢) التى: الذى.