للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبناء الناس، وهو ابن الأمير شاهين الجمالى الذى كان ناظر الحرم النبوى، فانكسر عليه أجرة المكان، فطالبه (١) ابن شاهين بالأجرة فلم يعطه شيئا وسبّه سبّا فاحشا، فطلع ابن شاهين وشكاه إلى ملك الأمراء فأرسل خلف جان قلج، فلم يطلع فى ذلك اليوم وأساء على قاصد نقيب الجيش، فبلغ ملك الأمراء ذلك، ثم إن جان قلج طلع بعد ذلك إلى ملك الأمراء وقابله فقبض عليه وسجنه بالعرقانه. وكان تقدّم له مع ملك الأمراء واقعة مهولة قبل ذلك، فاستمرّ فى نفس ملك الأمراء منه أشياء كمينة، وكان جان قلج عنده بادرة، وكلامه يابس كثير الفجور.

ومن الحوادث المهولة أيضا واقعة سيدى عمر بن الملك المنصور عثمان ابن الملك الظاهر جقمق، وذلك أن سيدى عمر كان متزوّجا بزوجة الأتابكى تمراز الشمسى، وهى ابنة الأمير جانم الأشرفى الذى كان نائب الشام، فكان لها رزقة وقف عليها وبها فلاّحون، فلما تزوّج بها سيدى عمر تكلّم على جهاتها فقيل إنه جار على فلاحى (٢) تلك الرزقة ولم يمش (٣) لهم أمر الشراقى فى الحصّة، فتضرّروا الفلاّحون من ذلك، فوقفوا إلى ملك الأمراء وشكوا له من سيدى عمر بأنه قد جار عليهم وأخذ منهم أزيد من الخراج عن المقطعين بالناحية، فأرسل إليه ملك الأمراء يقول له:

انظر فى حالهم ولا تجور عليهم. فقال سيدى عمر: وإيش كان ملك الأمراء يدخل بينى وبين فلاّحينى فى شئ لا له فيه شغل؟ فبلغ ملك الأمراء ذلك فتغيّر خاطره على سيدى عمر، فأرسل خلفه قاصدا فأغلظ عليه فى القول ولم يطلع، فحنق منه ملك الأمراء وأرسل إليه جماعة من الأنكشارية فقبضوا عليه غصبا وبهدلوه وطلعوا به إلى القلعة، فلما دخل إلى الحوش قبضوا عليه وأدخلوه إلى العرقانة، فسجن بها وبات تلك الليلة وأقام بها إلى اليوم الثانى إلى الظهر حتى شفع فيه بعض الأمراء، فمضى إلى داره وقاسى غاية البهدلة من الأنكشارية، فما شكر أحد من الناس ملك الأمراء على هذه الفعلة الفاحشة على شئ لا يستحقّ لذلك كله.

وفى هذا الشهر كانت وفاة الشيخ زين الدين قاسم المغربى، وكان صالحا معتقدا


(١) فطالبه: فطالبوه.
(٢) فلاحى: فلاحين.
(٣) ولم يمش: ولم يمشى.