جان بردى الغزالى، وأشيع أن جماعة من العربان اتّقعوا مع الغزالى وانكسر منهم وهرب، فقصد ملك الأمراء بأن يعلم الناس بأن الدرب قد انفتح وسلك. - وفيه أخلع ملك الأمراء على قرا موسى أحد أمراء ابن عثمان وقرره فى نيابة غزّة، فخرج إليها فى يوم الخميس وسافر.
وفيه قدمت الأخبار من الشام بأن السلطان سليمان بن عثمان أرسل إلى نائب الشام جان بردى الغزالى عساكر عظيمة وصحبتهم ابن سوار، فاتّقعوا مع الغزالى فى ثانى عشرين صفر، فكان بين الفريقين وقعة مهولة على حلب، فانكسر وهرب منهم إلى حماة، فتبعوه واتّقعوا معه، ففرّ منهم وقصد التوجه إلى الشام وقطع قناطر الرستن، فتبعوه فكان بين الفريقين وقعة عظيمة خارج مدينة دمشق، فقتل فى هذه المعركة نحو عشرة آلاف إنسان وقيل أكثر من ذلك، ما بين عربان ومماليك وجماعة من أعوام الشام وفيهم أطفال وصغار من أهل ضياع الشام، وغير ذلك ممن حضر هذه الوقعة. فكانت هذه الحركة تقرب من واقعة تيمور لنك لما ملك الشام وجرى منه ما جرى من قتل ونهب، ففعل ابن سوار وعسكر ابن عثمان بأهل ضياع الشام أضعاف ذلك، من قتل ونهب وسبى وحرق الضياع، وما أبقوا فى ذلك ممكنا، وليس العيان كالخبر، والذى قتل تحت أرجل الخيل ما لا ينحصر، وآخر الأمر انكسر نائب الشام الغزالى كسرة مهولة، وقبض عليه وقتل وحزّت رأسه وأرسلت إلى إسطنبول مع رءوس جماعة من أصحاب الغزالى ممن كان من عصبته، ونهب وطاق الغزالى وبركه عن آخره، وكان ذلك من الوقائع الغريبة التى لم يسمع بأغرب منها، فكانت مدّة ولايته على نيابة الشام ثلاث سنين وسبعة أشهر إلا أياما وزال كأنه لم يكن. وكان الغزالى عنده رهج وخفة زائدة، أهوج الطبع ليس له رأى سديد، رهاج فى الأمور ليس له تأمل فى العواقب، وكان لما ولى نيابة الشام فى غاية العظمة من الحرمة الوافرة والكلمة النافذة، وقد أصلح الجهات الشامية فى أيامه حتى مشى فيها الذئب والغنم سواء كما يقال:
يا أيها الملك الذى سطواته … فى البيداء يخشى ذئبها من شاتها