للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما كان يوم الميعاد حضر جماعة من أرباب الفن وحضر مغانى البلد قاطبة، وأتوا إلى بركة الرطلى فجلسوا فى وسطها، واجتمع هناك الجمّ الغفير من المتفرّجين، وكان ذلك اليوم مشهودا، فغنّى كل أحد من المغانى فى ذلك اليوم أحسن ما عنده من الغناء نوبة، وابتهج فى [ذلك] اليوم الناس غاية البهجة، وأما محمد بن سرّية فإنه احتجّ بأنه ضعيف فى ذلك اليوم ولم يحضر، وقال: الرهان باقى إلى يوم الأحد الثانى.

فظهر عليه العجز ولم يف بما ادّعاه مما تقدم. فكان كما قيل فى المعنى:

كل من يدّعى بما ليس فيه … كذّبته شواهد الامتحان (١)

فانفضّ ذلك الجمع، وعدّ ذلك اليوم من النوادر فى الفرجة والقصف. - وفى يوم الاثنين عاشره أشيع أن قاصدا حضر من عند السلطان سليمان وعلى يده خلعة الاستمرار إلى ملك الأمراء، فحضر القاصد وصحبته الأمير شيخ والأمير على المحضر، وبرسباى أستادار الصحبة مملوك ملك الأمراء، الذى كان أرسله إلى السلطان سليمان بن عثمان يهنّيه بالملك ويعزّيه فى أبيه السلطان سليم شاه. فلما حضروا طلعوا إلى القلعة ومعهم مرسوم مختوم من عند السلطان سليمان بن عثمان، فاجتمع بالقلعة الأمراء العثمانية والأمراء الجراكسة وقرئ عليهم مرسوم السلطان سليمان، وهو مكتوب باللغة التركية، فكان من مضمونه أن السلطان سليمان أرسل يقول (٢) لملك الأمراء، أنه فوّض إليه نيابة مصر وما حوت من الثغور والأعمال، ويعزل من يعزل ويولّى [من] يولّى، ولم يرسل إليه خلعة الاستمرار، فعزّ ذلك على ملك الأمراء، وكثر بسبب ذلك القال والقيل بين الناس. - وفى يوم الثلاثاء حادى عشره كان المولد النبوى بالقلعة على حكم ما ذكرناه فى السنة الماضية.

وفى يوم الخميس ثالث عشره نودى فى القاهرة عن لسان ملك الأمراء خاير بك، بأن من كان له حاجة فى الشام أو فى غزّة فيتوجّه إلى هناك، فإن الدرب السلطانى قد انفتح. وكان الدرب السلطانى له نحو أربعة أشهر لم يسلك، ولم يجى منه الأقفال حتى عزّت البضائع التى كانت تجلب من هناك، وذلك بسبب عصيان نائب الشام


(١) الامتحان: الامتحانى.
(٢) يقول: يقل.