للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه نزل ملك الأمراء من القلعة وتوجّه إلى بولاق وكشف على المراكب التى عمّرها هناك، فأنزلوها إلى البحر قدّامه. ثم رجع وشقّ من القاهرة فارتفعت له الأصوات بالدعاء، وكان يوما مشهودا. - وفيه خرج الأمير جانى بك أخو الأمير قايتباى الدوادار، فتوجّه من البحر وسافر إلى البلاد الشامية لكشف أخبار نائب الشام جان بردى الغزالى، وغير ذلك من الأشغال السلطانية. - وفيه انقطعت الأخبار من البلاد الشامية، وامتنعت الأقفال والمسافرون من الدرب السلطانى، وانكتمت أخبار نائب الشام جان بردى الغزالى، واستمرّ الأمر على ذلك نحو ثلاثة أشهر، وحصل للناس الضرر الشامل بسبب منع الأقفال وجلب البضائع من البلاد الشامية.

وفى شهر ربيع الأول أهلّ يوم السبت، فطلع القضاة إلى القلعة وهنّوا ملك الأمراء بالشهر، ثم عادوا إلى دورهم. - وفى يوم الثلاثاء رابعه نزل ملك الأمراء من القلعة وتوجّه إلى بركة الحبش والبريم، فأقام هناك إلى بعد الظهر، فأرسل القاضى بركات بن موسى المحتسب مائة حمّال ما بين خرفان شوى وحلوى وفاكهة وبطيخ صيفى، وغير ذلك مطابق ضمنها مأمونية وسنبوسك بسكّر، وغير ذلك أشياء فاخرة.

ثم إن ملك الأمراء نزل من هناك فى الحرّاقة وتوجّه إلى الروضة وكشف على المراكب التى عمّرها هناك، ثم شقّ من البحر وطلع من عند قصر ابن العينى وتوجّه من هناك إلى القلعة، فانطلقت له النساء من الطيقان بالزغاريت، وانشرح فى ذلك اليوم إلى الغاية.

ومن الوقائع اللطيفة ما وقع يوم الأحد تاسع هذا الشهر، وذلك أن وقع بين شخص من أرباب الفن يقال له محمد بن سريّة، وبين شخص يقال له محمد الأوجاقى، ويعرف أيضا بالشرابى، فوقع بينهما رهان فى فن الموسيقى (١)، فقال محمد بن سرّية:

أنا أعرف قطعة من الفنّ ما سمعها قط أحد من أهل هذا العصر. فقال له محمد الأوجاقى: إن كان ما تدّعيه حقّا فنجمع مشايخ أرباب الفنّ، ونجمع مغانى البلد قاطبة، ويكون ذلك يوم الأحد فى وسط بركة الرطلى. وكان ذلك فى زمن الربيع،


(١) الموسيقى: الموسقيا.