للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلّة البقر والغنم فى هذه الأيام، وصارت الأبقار تجلب إلى دمشق وتباع هناك بأغلى (١) الأثمان، فإن الأبقار التى بدمشق دخل فيها الفناء وقلّ نسلها من هناك جدا.

وفى يوم الاثنين ثامنه خرج الأمير ناصر الدين محمد الحلبى المهمندار وتوجه إلى نحو ثغر الإسكندرية بسبب تفقّد الأبراج التى (٢) هناك، خوفا من الفرنج أن لا يطرقوا الثغر على حين غفلة، وقد تزايد تعبّث الفرنج فى البحر الملح، وقد طمعوا فى أخذ البلاد من حين مات سليم شاه بن عثمان. - وفيه أشيع أن حضر ساع من البلاد الشامية وعلى يده مطالعة إلى ملك الأمراء، فقال له: إن كان معك مطالعات للأمراء أظهرنا عليهم. فأنكر الساعى ذلك، فحنق منه ملك الأمراء وضربه ضربا مبرحا وسجنه، وهو لم يقرّ بشئ من المطالعات. - وفى يوم الجمعة ثانى عشره أشيع أن أمير شيخ، الذى أرسله ملك الأمراء إلى السلطان سليمان بن عثمان يهنّيه بالملك ويعزّيه فى أبيه السلطان سليم شاه، أنه رجع إلى ثغر الإسكندرية، وأنه وجد البحر الملح قد امتلأ بمراكب الفرنج فلم يستطع (٣) التوجّه منه إلى إسطنبول ورجع إلى ثغر الإسكندرية، وأرسل يعلم ملك الأمراء بما وقع له.

وفى يوم الأحد رابع عشره نزل ملك الأمراء إلى الميدان الذى تحت القلعة وعرض سنيحه وعرض العربات، وهى العجلات التى صنعها، وفرّق فى ذلك اليوم على مماليكه عدّة رماح وسلاح وغير ذلك، ورسم لهم بأن يعملوا يرقهم بسبب السفر إلى ملاقاة نائب الشام الأمير جان بردى الغزالى، ورسم للعسكر العثمانى بأن يعملوا يرقهم أيضا. - وفى يوم الاثنين خامس عشره رسم ملك الأمراء للمماليك الجراكسة بأن يعملوا يرقهم أيضا ويجهّزوا أمورهم بسبب السفر، فتوجّهوا إلى سوق القبو وجامع قوصون واشتروا ما يحتاجون إليه بسبب السفر. وأشيع أن ملك الأمراء قال لطائفة الأصبهانية والكمولية بأن يخرجوا إلى الصالحية ويقيموا (٤) بها إلى أن يخرج العسكر، فامتنعوا من ذلك، وقالوا: نحن ما علينا إلا حفظ المدينة. ثم قالوا: نحن ما نخرج


(١) بأغلى: بأغلا.
(٢) التى: الذى.
(٣) فلم يستطع: فلم يستطيع.
(٤) ويقيموا: ويقيمون.