للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعين دواته عمشت وآلت … يمينا لا تداوى باكتحال

تنكّرت المعارف فى عيانى … وتمييزى غدا فى سوء حال

وما عوّضت من بدل وعطف … سوى توكيد سقمى واعتلال

فيا قبرا ثوى فيه تهنّى … فقد حزت الجميل مع الجمال

سقاه الله عينا سلسبيلا … وأسبغ ما عليه من الظلال

وبوّأه من الفردوس مثوى … ورقّاه إلى الغرف العوال

وفى يوم الأربعاء المقدم ذكره توفى شمس الدين محمد البساطى الشاهد الذى قطع ملك الأمراء يده، فراح ظلما بلا ذنب أوجب ذلك، وأشيع أن ملك الأمراء أرسل إليه مائة دينار على أنه يحالله مما وقع منه، فأبى من أخذ المائة دينار، وقال: حتى أقف أنا وإياه بين يدى الله تعالى. وقيل إن يده التى قطعت استمرّت عنده إلى أن مات فدفنت معه، فمات شهيدا. - وفى يوم الثلاثاء تاسع ذى الحجة قدمت على ملك الأمراء أخبار رديّة بأن العربان نزلوا على قطيا ونهبوا ما فيها، واستمرّ النهب عمّالا من قطيا إلى الحطارة، وطفحت العربان فى الشرقية واضطربت أحوالها. وأشيع أن شيخ العرب أحمد بن بقر أرسل حريمه وأدخلهم إلى القاهرة، ووزّع أمواله وقماشه ومواشيه خوفا من النهب فى البلاد، وقد وردت عليه أخبار غير صالحة، وصار القيل والقال كل يوم عمّالا بين الناس والأخبار الكذب أكثر من الصدق.

وفى يوم الأربعاء عاشره فيه كان عيد النحر، فوقع فى هذا العيد أمور غريبة بسبب الأضحية، فبلغ سعر كل بقرة فوق الثلاثين دينارا، وشئ منهم أبيع بأربعين دينار، ولم يسمع بمثل ذلك فيما تقدم من الزمان، وأبيع كل خروف كبير بعشرة أشرفية، وباثنى عشر (١) دينار الكبش الكبير، فعدّ ذلك من النوادر الغريبة. وسبب ذلك أن الأشرفى الذهب العثمانى صار يصرف بخمسين نصفا من الفضة، وأما المعاملة من الفضة فإن غالبها نحاس وأكثرها مغشوش، فوقف حال الناس بسبب ذلك وصار الشئ يباع بالمثل مثلين، وصار كل من البضائع وغيرها يباع بأغلى (٢) الأثمان. وموجب ذلك أيضا


(١) وباثنى عشر: وباثنا عشر.
(٢) بأغلى: بأغلا.