للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شاه كأنه لم يكن. - وفى يوم السبت حادى عشرينه نودى فى القاهرة بالزينة ثلاثة أيام متوالية بسبب سلطنة الملك سليمان، فزينت مصر والقاهرة زينة حافلة، حتى داخل الأسواق وغالب الحارات، ولا سيما خان الخليلى فإن تجاره زيّنوا زينة عظيمة، وصار الأمير على الكيخية والى القاهرة يطوف فى كل يوم عدّة مرار وقدّامه جماعة من الأنكشارية، وهو ينادى بالأمان والاطمان والبيع والشرى وأن لا أحد يشوّش على أحد من الرعيّة ولا يمشى بسلاح، وصار يحرّج على تقوية الزينة ويضرب أصحاب الدكاكين بسبب الزينة. وفى ذلك يقول الناصرى محمد بن قانصوه من صادق، وهو قوله:

زيّنت مصر وأضحت … بعد حزن فى تهانى

مذ غدت بعد سليم … لسليمان الزمان

ومن الحوادث أن طائفة من الأنكشارية قصدوا أن ينهبوا حارة زويلة، وقيل جرت العادة عندهم أن السلطان إذا مات ينهب العسكر حارات اليهود، فقصدت طائفة الأنكشارية أن يفعلوا ذلك، فمنعهم خير الدين نائب القلعة وقرا موسى وفرحات من ذلك، فغضبوا منهم وتوجّهوا إلى بركة الحبش على أنهم يدخلون (١) على حميّة وينهبون (٢) القاهرة عن آخرها، فتردّدت الرسل بينهم وبين ملك الأمراء على أنه ينفق على طائفة الأنكشارية لكل واحد منهم ثمانين دينارا، وينفق [على] الصوباشيّة آغات الأنكشارية لكل واحد منهم مائة دينار، فتراضوا على ذلك وعلى أنه لم ينفق على طائفة الأصبهانية ولا الكمولية شيئا، فتقرّر الحال على ذلك.

ثم فى يوم السبت المقدّم ذكره أرسل ملك الأمراء إلى الأمير قايتباى الدوادار قفطان حرير برصاوى وشاش خمسينى وفكّكه السواد، والأمير أرزمك الناشف، وكذلك قرا موسى، وخير نائب القلعة، وفرحات، فأرسل لهم قفطانات حرير ملوّن وشاشات خمسينى وفكّكهم ذلك السواد. ثم إن ملك الأمراء صار يترضّى المماليك الجراكسة ويأخذ بخواطرهم، فنفق عليهم جامكية شهرين دفعة واحدة، وصار


(١) يدخلون: يدخلوا.
(٢) وينهبون: وينهبوا.