للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ففتح عدّة حصون تلى خليج القسطنطينية. ولا زال ملك بنى عثمان يعظم وجنودهم تكثر (١)، وأظهروا العدل فى الرعية، وعمّروا التكايا والزوايا والخوانق، وكان عثمان يحبّ العلماء ويقرّب الصلحاء، وكان صفته طويل القامة أسمر اللون أقنى الأنف، وقيل عاش عثمان هذا نحو سبعين سنة، ومات شهيدا فى بعض غزاة الفرنج، وهو جدّ بنى عثمان قاطبة.

قال الشيخ تقى الدين أحمد المقريزى: لم يكن فى أبناء عثمان من يلقّب بملك ولا بسلطان، بل كان إذا كاتبوهم ملوك مصر وعظّموهم يقولون لهم الخوندكار أو الأمير فلان. وقال المقريزى: إن بعض المؤرخين [قال فى] نسب بنى عثمان أنهم ينسبون إلى أبى مسلم الخراسانى صاحب دعوة خلفاء بنى العباس الذى تعصّب لهم ونزع الخلافة من يد الأموية وردّها إلى العباسية. انتهى ما أوردناه من نسب بنى عثمان، وهذا هو النسب الصحيح عنهم، والله أعلم بحقيقة ذلك.

ومن هنا نرجع إلى أخبار الملك سليمان بن سليم شاه بن عثمان، فالذى أخبر به ابن القوصونى فى كتابه أن السلطان سليمان لما جلس على سرير الملك أظهر العدل فى الرعية، فأرسل أحضر الخليفة من المكان الذى كان والده سجنه به، فأحضره إلى إسطنبول كما كان، ورتّب له فى كل يوم ستين درهما. وأفرج عن علاى الدين ناظر الخاص وعن جماعة كثيرة من المباشرين الذين (٢) كان سجنهم والده فأفرج عنهم، وأفرج عن جماعة من التجّار الأعجام الذين (٢) كان والده سجنهم وزعم أنهم من جماعة الصوفى، وأخذ منهم حريرا بنحو اثنى عشر ألف دينار، فلما آل إليه الملك أفرج عنهم وأعاد لهم الحرير الذى كان أخذ منهم، ورسم لهم بالعود إلى بلادهم. وذكر عنه أشياء كثيرة من العدل فى هذا النمط.

وفى يوم الجمعة عشرينه رسم ملك الأمراء بأن يصلّى على السلطان سليم شاه بن عثمان صلاة الغيبة بجامع القلعة وسائر جوامع القاهرة، وأن يدعى للسلطان سليمان على المنابر فى ذلك اليوم ففعلوا ذلك، وخطب باسمه على المنابر ومضى أمر السلطان سليم


(١) تكثر: يكثر.
(٢) الذين: الذى.