للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عما (١) أشيع ذلك، ووقع له من الأمور الغريبة ما لا وقع لأحد من آبائه ولا أجداده، بل ولا لأحد من ملوك الشرق ولا ملوك الغرب ولا غيرها، فإنه زحف على شاه إسمعيل الصوفى ملك العراقين وحاربه فكسره، وقتل من عساكره ما لا يحصى عددها، حتى قيل فوق الخمسين ألفا، وملك بلاده وطرده عنها. ثم تحرّش بسلطان مصر ولا زال يخادعه ويظهر أنه تحت طاعته حتى خرج إليه، فغدر به وحاربه، وانكسر منه وفقد وقد طرقه على حين غفلة، وجرى عليه منه ما جرى كما تقدم ذكر ذلك، فملك مدينة حلب وقلعتها فى خمس درج، واحتوى على أموال السلطان الغورى التى (٢) كانت بقلعة حلب من غير مانع. ثم توجّه إلى دمشق فملكها وملك قلعتها من غير مانع، فى أسرع من طرفة عين. ثم توجّه إلى نحو الديار المصرية وحارب السلطان طومان باى فكسره، وقتل غالب عسكر مصر من المماليك الجراكسة، وقتل من الأمراء ما تقدّم ذكره، وملك الديار المصرية فى نحو عشر درج. ومن أراد أن ينظر لما وقع منه فى الديار المصرية، فلينظر إلى الجزء العاشر من تاريخنا بدائع الزهور فى وقائع الدهور.

فكانت مدة استيلائه على حلب والشام ومصر أربع سنين وخمسة أشهر، وهو يخطب باسمه على منابر حلب وأعمالها ودمشق وأعمالها، ثم يخطب باسمه (٣) على منابر الديار المصرية وأعمالها وثغورها، وضربت السكّة باسمه فى هذه المدة. فكان استيلاؤه (٤) على مدينة حلب فى أواخر رجب سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة، واستولى على دمشق فى سلخ شهر رمضان. واستولى على الديار المصرية فى المحرم سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، فكانت مدة إقامته بالقاهرة نحو ثمانية شهور، من مستهلّ المحرم إلى أواخر شعبان، واستقرّ بخاير بك نائبا عنه بمصر. وأما مدة استيلائه (٤) على مملكة الروم، من حين توفى والده السلطان أبو يزيد إلى الآن، نحو تسع سنين إلا أشهر، فإن والده أبا يزيد توفى فى ثانى جمادى الأولى سنة ثمان عشرة وتسعمائة وكان استيلاؤه


(١) عما: عنما.
(٢) التى: الذى.
(٣) باسمه: اسمه.
(٤) استيلاؤه: استيلايه.