قدمت الأخبار من مكة المشرفة بأن وقع بها فتنة كبيرة بين الشريف بركات أمير مكة وبين نائب جدّة الذى ولى عليها من قبل ابن عثمان، وأشيع أن قتل فى المعركة جماعة من عبيد الشريف بركات، وجرح نائب جدّة أغات الكمولية الذى يسمى حسين الكاخية، واضطربت أحوال مكة إلى الغاية. - وفى يوم الأحد رابع عشره أخلع ملك الأمراء على الأمير جانم كاشف البهنسا والفيوم وقرره أمير الحاج بركب المحمل، فنزل من القلعة فى موكب حفل.
وفيه كانت كاينة الأمير جان بردى الأشقر أحد الأمراء العشرات، وهو أخو تنم الذى كان نائب الإسكندرية، قيل إنه عزم عليه شخص يسمى تمر الظاهرى، فلما دخل عليهما الليل وقع بينهما تشاجر، فثارت فى ذلك المجلس فتنة كبيرة، فقتل فيها جان بردى الأشقر ولا يعلم من قتله من الحاضرين، فقبضوا على من كان حاضرا، واختفى تمر صاحب البيت، وكانت واقعة مهولة. فلما بلغ ذلك ملك الأمراء شقّ عليه قتل جان بردى الأشقر فإنه كان صاحبه، فأخذ فى الفحص على من كان سببا لقتله، وألزم الوالى بإحضار تمر الذى جرى ذلك فى بيته. - وفيه أخرج ملك الأمراء تجريدة إلى ثغر الإسكندرية بسبب تعبّث الفرنج هناك على المسافرين، فكان بها من العسكر نحو مائة إنسان، ما بين مماليك جراكسة وأولاد ناس وعثمانية وغير ذلك.
وفى شهر ربيع الآخر كان مستهلّه يوم الثلاثاء، فطلع قضاة القضاة إلى القلعة وهنّوا ملك الأمراء بالشهر، ثم عادوا إلى دورهم. - ويوم الخميس ثالث الشهر فيه خرج الأمير جانم الحمزاوى وتوجّه إلى السفر وقصد التوجّه إلى إسطنبول، فخرج فى موكب حفل وصحبته الأمراء الجراكسة والمباشرون وأرباب الدولة من الأمراء العثمانية. وقد أرسل ملك الأمراء صحبته تقدمة حافلة إلى السلطان الملك المظفر سليم خان، فكان ما اشتمل عليه تلك التقدمة عما قيل (١) من الخيول الخاص خمسين
(١) عما قيل: كتب المؤلف هنا فى متن الأصل الجملة الآتية، ثم شطبت: «من الذهب العين مائة ألف دينار ضمن صناديق خشب».