للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك عين الصواب وأرجى (١) لخمود هذه الفتن، ولكن عجّلوا بقتلهم حيث ظفروا بهم، فكان كما يقال فى المعنى:

أمور تضحك السفهاء منها … ويبكى من عواقبها اللبيب

وفى يوم الثلاثاء سابع عشره خرجت التجريدة التى (٢) عيّنها ملك الأمراء إلى عرب السوالم، وكان الباش عليها شخصا من الأمراء العشرات يقال له جان بردى الذى كان كاشف البحيرة، أخو تنم الذى كان خازندار الملك الناصر محمد بن الأشرف قايتباى، وكان بها من المماليك الجراكسة وغيرها مائة مملوك، وتوجّه قبل ذلك إلى عند كاشف الشرقية ستون مملوكا يقيمون عنده، فخرجت التجريدة فى ذلك اليوم وتوجه من بها من المماليك إلى خانقاة سرياقوس. - وفى يوم السبت حادى عشرينه حضر إياس كاشف الشرقية وصحبته جماعة ممن بقى من أعيان عربان السوالم، وقد أتوا إلى إياس طائعين بعد أن رأوا عين الغلب، فأحضرهم إلى ملك الأمراء، فلما قابلوه أخلع عليهم وأقرّهم فى مشيخة السوالم عوضا عن من قتل منهم، وخمدت فتنة عربان السوالم، وكان ذلك على غير القياس من أمر هذه الفتنة.

وفى شهر ربيع الأول كان مستهلّه يوم الاثنين، فصعد القضاة الأربعة إلى القلعة وهنّوا ملك الأمراء بالشهر، ورجعوا إلى دورهم. - وفى ذلك اليوم قدم قاصد من عندّ الخندكار سليم خان بن عثمان متملّك الديار المصرية، وقد حضر من البحر الملح إلى ثغر الإسكندرية، فلما طلع إلى القلعة قرأ مراسيم الخندكار على ملك الأمراء، وأشيع بين الناس أن الخندكار أرسل يقول الملك الأمراء بأن يتوصّى بالمماليك الجراكسة ويصرف لهم جوامكهم ولحومهم وعليقهم والأضحية والكسوة على العادة. وأشيع أنه أرسل يقول لملك الأمراء كل من شوّش من التركمان على أحد من الرعية يشنقه من غير معاودة (٣)، وأرسل يقول لملك الأمراء بأن ينادى للناس بأن يقطعوا الطرقات والشوارع والأسواق قاطبة، فأخذ الناس فى أسباب ذلك وشرعوا فى قطع الطرقات، ثم أشهروا المناداة فى القاهرة عن لسان الخندكار حسبما ما رسم،


(١) وأرجى: وأرجا.
(٢) التى: الذى.
(٣) معاودة: معاوديه.