للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أعيان نسائهم، وأسر أولادهم. فلما طفشوا فى البلاد أرسل ملك الأمراء يقول للكاشف: اطلق نساء السوالم وأولادهم الذين (١) عندك من كل بدّ وسبب. وقد استدرك ملك الأمراء فارطه مما وقع منه (٢) فى حقّ مشايخ عربان السوالم، وقد اتّسعت أمور هذه الفتنة من كل جانب، واستمرّت أرباب هذه الدولة فى آراء معكوسة ليس لأحد منهم رأى سديد ولا لهم مستشار يرجع إليه، وصار كل أحد منهم يشير برأى غير صواب، ويتكلم بكلام غير مفيد، وقد ضاعت الكلمة بينهم، وآلت أحوال مملكة مصر إلى الخراب. وكل هذا من سوء قبح تدبيرهم، وقلّة عرفانهم، وعدم تجاربهم للأمور، وقلّة نظرهم فى العواقب بما يؤول أمره من خير أو شرّ، فنسأل الله تعالى إصلاح الحال، وحسن (٣) الخاتمة، وإخماد هذه الفتن عن قريب.

وفى يوم الجمعة ثالث عشره أخلع ملك الأمراء على أخى نجم واستقرّ به شيخ العايد عوضا عن أخيه نجم، وقد بلغه أن أحوال الشرقية قد اضطربت إلى الغاية، وثارت بها العربان بكثرة الفساد، فلما أخلع عليه خرج من يومه إلى الشرقية بسبب هذا الفساد. - وفى يوم السبت رابع عشره كتب ملك الأمراء تجريدة إلى الشرقية وعيّن بها نحو مائة مملوك من الجراكسة وغيرها، وعيّن جماعة من الأصبهانية والكمولية وجماعة من الرماة الأنكشارية، وجهّز عجلات تخرج صحبتهم إذا خرجوا. وقيل إن إياس كاشف الشرقية محاصر مع العرب فى بلبيس وقد أرسل يطلب نجدة بسرعة، وأشيع أن عربان نجم شيخ العايد لما مسك صاروا يعرّون الناس فى رأس المطرية وعند تربة العادل.

وفيه أشيع أن جماعة من الأنكشارية (٤) هجموا على سوق [النحاسين] وأخذوا ما ما فيه من النحاس حتى يسبكوه مكاحل للبندق الرصاص، فحصل للتجّار الضرر الشامل من ذلك. - وكانت حركة هذه الجماعة الذين (١) قتلوا من عرب السوالم من أكبر أسباب الفساد فى أحوال المملكة. وإنهم لو أبقوهم فى قيد الحياة وسجنوهم لكان


(١) الذين: الذى.
(٢) منه: منهم.
(٣) وحسن: حسن.
(٤) الأنكشارية: الأنكشاره.