للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى موكب حفل وقدّامه جماعة من الأمراء الجراكسة ومن الأمراء العثمانية، وقدّامه جماعة من الأنكشارية الرماة، وقدّامه بعض جنايب، ولاقاه الشعراء والشبابة السلطانية من باب الشعرية، وكان عليه قفطان (١) جوخ أحمر، وكان قدّامه ما اصطاده من الكراكى والأوز العراق، فاستمرّ فى ذلك الموكب حتى طلع إلى القلعة، وكان يوما مشهودا، فكانت مدة غيبته فى هذه السرحة سبعة أيام بلياليها. ثم دخل بعده شيخ العرب نجم شيخ العايد وهو فى الحديد، وقد نسبوا إليه (٢) أنه كان متواطئا مع عربان السوالم وهو من أغراضهم، فقبض عليه ملك الأمراء ووضعه فى الحديد حتى يكون من أمره ما يكون. ولم يحصل بنزول ملك الأمراء إلى الشرقية خير قط للناس، فرعى العسكر زرع البلاد، وقدّمت له مشايخ العربان نحو ألفى رأس غنم فوزّعوا ذلك على بلاد الشرقية، وأحضروا له من شيبين ستمائة أردب شعير، وذلك غير التقادم من خيول وجمال، وغير ذلك من ذهب عين فوق العشرة آلاف دينار. وقيل إن ملك الأمراء كان فى هذه السرحة لا يصحو (٣) من السكر ليلا ولا نهارا، حتى أشيع عنه أنه أخذ معه أربعين بغلا وهى محمّلة نبيذا إقريطشى. فكان فى نزوله هناك غاية الضرر فى حقّ الناس، ولولا أخذوا عرب السوالم بحيلة لما قدروا عليهم أبدا، انتهى ذلك.

وفى يوم تاريخه عاين مؤلفه هذه الواقعة بالمشاهدة، من حضور القاضى بركات ابن موسى المحتسب، ومن طلوع ملك الأمراء فى ذلك الموكب المقدّم ذكره. - فلما طلع ملك الأمراء إلى القلعة قدمت الأخبار من الشرقية بأن عربان السوالم لما حصلت لهم تلك الكسرة توجّهوا إلى الصالحية ونهبوا ما فيها وأحرقوها، وأحرقوا ما حولها من الضياع، وحصل منهم غاية الضرر الشامل. وكل هذا بسوء تدبير إياس كاشف الشرقية فإنه استعجل بقتل مشايخ عربان السوالم، وكانوا من نوابغ أعيان السوالم وقيل كان فيهم من هو من أولاد ابن طراباى شيخ جبل نابلس، فسلخ الجميع، ومنها أنه نهب نجعهم وأخذ أموالهم ومواشيهم وأسر حريمهم، حتى قيل أسر ستين امرأة


(١) قفطان: قفطاه.
(٢) نسبوا إليه: نسبوه.
(٣) يصحو: يصحوا.