للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما كان يوم الثلاثاء عاشره حضر القاضى بركات بن موسى من عند ملك الأمراء وعليه عمامة هوّارية، وقد أخلع عليه قفطان مخمل مذهبا، وحضر صحبته ستة أنفار بوّ (١) وقد سلخوا وحشوا تبنا، فقيل إنهم من مشايخ عربان السوالم، فأركبوهم على خيول وعليها بركستوانات مخمل وألبسوهم جوخ وشاشيات على زموط على رءوسهم، وقدّامهم اثنا عشر رأسا مقطوعة وهى على رماح، قيل إنهم من أعيان عربان السوالم، فشقّوا بهم من القاهرة، وكان ذلك اليوم مشهودا، فعلّقوا جماعة من البوّ والرءوس على باب زويلة، وعلّقوا الباقى على باب النصر. فكان من ملخّص هذه الواقعة ما أشيع واستفاض بين الناس أن إياس كاشف الشرقية تحيّل على مشايخ عربان السوالم، فأرسل لهم بالأمان، فأركنوا له وحضروا إليه، فصنع لهم ضيافة، فلما استقرّوا عنده أرسل أعلم ملك الأمراء بذلك، فأرسل إليه القاضى بركات بن موسى ومعه جماعة من المماليك الجراكسة، فتوجهوا إلى نجع العرب السوالم، وخرج صحبتهم عربان البلاد المجاورة من منية حمل والجوسق والمحروقة، وغير ذلك من البلاد المجاورة فاتّقعوا مع السوالم وكان بينهم وقعة مهولة، فانكسرت السوالم وقبضوا على بقية مشايخهم. ثم إن العسكر والعربان نهبوا نجع السوالم عن آخره، فغنموا منه ما لا يحصى من جمال وخيول وسلاح وقماش ونحاس ومصاغ، وغير ذلك من عبيد وجوار، حتى أخذوا نساءهم (٢) وأولادهم. فلما وقعت هذه الكسرة على السوالم هرب من بقى منهم إلى الأودية والجبال. فلما جرى ذلك سلخ الكاشف مشايخهم وأرسلهم إلى القاهرة كما تقدّم ذكر ذلك. وقيل كان فيهم من هو من أولاد قراجا بن طراباى شيخ جبل نابلس على ما قيل عنه.

وأشيع أن ملك الأمراء رحل من على مرصفة وتوجّه إلى بنها العسل، وأرسل سنيحه ومطبخه إلى القلعة، وأشيع عوده إلى القاهرة. - وفى يوم الأربعاء حادى عشره رجع ملك الأمراء إلى القاهرة، فأتى من على قنطرة الحاجب ودخل من باب الشعرية وخرج من باب القنطرة، وطلع من على سوق مرجوش وشق القاهرة


(١) بو: كذا فى الأصل.
(٢) نساءهم: نسايهم.