للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جماعة مقتولة بالسيوف، فعزّ ذلك على قرا موسى وقال لنائب القلعة خير الدين: هذا كله فى ذمّتك أنت الذى أطمعت الأنكشارية فى حقّ الناس، حتى صاروا يخطفوا (١) النساء والمردان، ويخطفوا عمايم الناس ويعرّونهم، ويقتلون الناس بأيديهم ويخطفوا بضايع السوقة، والخندكار ما يرى بشئ من ذلك، وإن بلغه ذلك فما يحصل عليك خير. ثم فى عقيب ذلك صار الكاخية أغات الأنكشارية يركب كل يوم ويشقّ من القاهرة، فإن وجد فى طريقه أنكشاريا يأخذ من يده عصاه يكسرها ويقول له:

اطلع إلى القلعة واقعد فى الطبقة ولا تنزل إلى المدينة أبدا. وقيل إنه منع الناس أن لا يشتكوا أحدا من الناس بأنكشارى مطلقا، واستمرّت الفتنة ثائرة بين الأصبهانية وبين الأنكشارية إلى الآن، وكل منهما على حذر من رفيقه.

ومما وقع فى هذا الشهر من الحوادث أن جماعة من المماليك الجراكسة نحو عشرة مماليك، وقيل فيهم شخص قرابة الأمير قانصوه بن سلطان جركس، وشخص آخر كان والى قليوب، فخرجوا على حين غفلة وقصدوا أن يتوجّهوا إلى عند الأمير جان بردى الغزالى نائب الشام، فلما وصلوا إلى قطيا قبض عليهم نائب قطيا ووضعهم فى الحديد وأرسل كاتب ملك الأمراء بذلك، فأرسل إليه ملك الأمراء جماعة من التركمان ليحضروهم، فلما وصلوا إلى قطيا أظهروا مرسوما من عند ملك الأمراء إلى نائب قطيا بأن يضرب رقابهم أجمعين، فامتثل ذلك وضرب رقاب العشرة مماليك، وكان فيهم شخص من العربان يرشدهم إلى الطريق فضرب عنقه أيضا، وكان قتلهم فى مكان بين الصالحية وقطيا يسمى حبوة والعاقولة. فلما أشيع هذا الخبر عزّ ذلك على جماعة من المماليك الجراكسة، وشقّ ذلك على نائب الشام أيضا، ووقعت الوحشة بينه وبين ملك الأمراء خاير بك من يومئذ، ودبّت بينهما عقارب الفتن واستمرّت. - وفى يوم الاثنين ثامن عشرينه كانت وفاة الكاتب المجيد أبو الفضل محمد السنباطى المعروف بالأعرج، قيل إنه مات فجأة على حين غفلة، وكان له خط جيّد.

ومن الحوادث العجيبة والغريبة التى لم يسمع بمثلها مما وقع فى أواخر هذا الشهر


(١) يخطفوا: كذا فى الأصل، وتلاحظ عامية الأسلوب فى العبارات التالية.