للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبوهم وإلى الآن. واستمرّ هذا القاصد يضيّق على المباشرين وجماعة الخليفة بسبب ذلك، وانتصفت أولاد خليل على الخليفة غاية الإنصاف.

وفى يوم السبت خامسه جلس ملك الأمراء بالمقعد الذى بالحوش السلطانى، وحضر قدّامه مصارعان، وهو شخص يسمى الشاطر أبو الغيث الزريكشى، وخصمه شخص عجمى شنيع المنظر فى خلقته، فتصارع مع الزريكشى فغلب الزريكشى وأرماه إلى الأرض وركب فوقه وعصره فى الأرض حتى كاد يموت فانتصر (١) عليه وغلب أبو الغيث، فألبس ملك الأمراء العجمى قفطان حرير ونزل من القلعة، وقدّامه طبلان وزمران وجماعة من العثمانية، فشقّ من القاهرة وكان له يوم مشهود.

وفى يوم الأحد ليلة الاثنين رابع عشره خسف جرم القمر خسوفا فاحشا حتى أظلم منه الجوّ، وأقام فى هذا الخسوف فوق أربعين درجة، [وقيل أقام فى الخسوف نحو خمسين درجة] (٢)، وقد خسف أول ما أشرق عند طلوعه واستمرّ يتزايد فى الخسوف حتى مضى من الليل جانب كبير. ووقع مثل هذا الخسوف بعينه فى السنة التى مات فيها السلطان الغورى، فكان بين موته وبين ذلك الخسوف نحو شهرين، وجرى ما جرى من الأهوال عقيب ذلك، ونسأل الله اللطف فى أمر هذا الخسوف الثانى.

وفى يوم الأربعاء سادس عشره نزل ملك الأمراء من القلعة وتوجّه إلى نحو خليج الزعفران، وسبب ذلك أن الأمير كمشبغا الوالى صنع له هناك مدّة حفلة وأضافه، فنزل إليه وأقام هناك إلى أواخر النهار ثم عاد إلى القلعة. وكان قبل ذلك بيوم توجّه إلى قصر ابن العينى الذى بالمنشية، وقيل إنه أقام هناك إلى بعد العصر وعاد إلى القلعة من يومه.

وفى يوم الاثنين خامس عشرينه وقع بين خير الدين نائب القلعة وبين قرا موسى أغات الأصبهانية بحضرة ملك الأمراء بالقلعة، وسبب ذلك أن وقعت فتنة كبيرة بين الأنكشارية وبين الأصبهانية، وصار فى كل ليلة يوجد فى الطرقات والأزقّة منهم


(١) فانتصر: فانصر.
(٢) وقيل … درجة: كتبها المؤلف فى الأصل على الهامش.